كتاب ابن قيم الجوزية وجهوده في خدمة السنة النبوية وعلومها (اسم الجزء: 1)

لنا: إلى أي حد كان ابن القَيِّم - رحمه الله - متأثراً بأحداث عصره، وإلى أي حدٍّ استطاع أن يُسَخِّر دروس هذه الأحداث في خدمة أهدافه ومبادئه، وكيف اشتعلت غيرته الدينية - رحمه الله - على حرمات الإسلام التي انتهكت، وعلى صفوة علمائه وعُبَّادِه الذين راحوا ضحية حقد الرافضة وكيدهم للإسلام وأهله.
تلك أبرز الآثار التي تركتها هذه الحروب على المسلمين في ذلك العصر.
وإذ قد استعرضنا أهم المؤثرات الخارجية في الظروف السياسية للدولة، يحسن أن نتعرف - كذلك - على أوضاع الدولة وسياستها الداخلية في تلك الفترة.
حكم المماليك لمصر والشام:
خضعت مصر والشام لحكم المماليك فترة طويلة من الزمن، والمماليك: أصلهم من الرقيق الذين كان حكام الدولة الأيوبية - ومن قبلهم العباسيون - يشترونهم، حتى جاء عهد الملك نجم الدين أيوب، فاستكثر منهم، واتخذهم جنوده وأعوانه1.
أما عن قيام دولتهم: فإنه لما توفي الملك الصالح أيوب في سنة (647هـ) متأثراً بمرضه- فيما كان منشغلاً بقتال الفرنج عند المنصورة- استُدْعِيَ ابنه المعظم تورانشاه من الشام، وبويع له بالملك، وقاتل الفرنج قتالاً عظيماً، إلا أن مماليك أبيه قتلوه، وأقاموا عليهم عزَّ الدين أيبك
__________
1 العصر المماليكي في مصر والشام: (ص1-2) .

الصفحة 42