كتاب ابن قيم الجوزية وجهوده في خدمة السنة النبوية وعلومها (اسم الجزء: 1)

ثانياً: عدم معارضة أقوال أئمة الشأن الْمُعْتَبَرين بقول غيرهم.
إذا تعارض قول جماعة من الأئمة المعتبرين، وقول واحد ممن دونهم في هذا الشأن، فإن الأخذ بقول هؤلاء الأئمة - مع علمهم وإمامتهم في هذا الشأن - أولى من الأخذ بقول من دونهم، وكذا من كان مُتَأَخِّراً عنهم زمناً.
قال ابن القَيِّم رحمه الله - رَدًّا على ابن حزم في تضعيفه عمرو بن شعيب -: "وإذا تَعَارَضَ معنا في الاحتجاج برجل قولُ ابن حزم، وقول: البخاري، وأحمد، وابن المديني، والْحُمَيدي، وإسحاق بن راهويه وأمثالهم، لم يُلْتَفَت إلى سواهم"1.
وقال مرة في ابن إسحاق - وقد نقل عن ابن عيينة قوله: ما سمعت أحداً يتكلم في ابن إسحاق إلا في قوله في القدر -: "ولا ريب أن أهل عصره أعلم به ممن تكلم فيه بَعْدَهُم"2.
فهكذا نجد ابن القَيِّم - رحمه الله - يُقَرِّر: أن مَتَانَة الإمام الْمُتَكَلِّم في الرجل، ورسوخ قدمه، وطول باعه في الفَنِّ، مع مُعَاصَرَتِهِ للراوي - أو قرب عهده به - أَدْعى إلى تقديم قوله على قول غيره ممن ليس بهذه المثابة.
ثالثاً: مراعاة صحة سند القول المنسوب إلى أئمة الجرح والتعديل.
قد يَرِدُ قول لا يصح سنده إلى الإمام المنسوب إليه، فلا يجوز
__________
1 زاد المعاد: (5/456) .
2 تهذيب السنن: (7/95) .

الصفحة 554