كتاب ابن قيم الجوزية وجهوده في خدمة السنة النبوية وعلومها (اسم الجزء: 1)

وممن قصر ذوقه وفهمه عن ذوق وفهم أئمة العلل في نقدهم للمرويات، ثم بين غلط من يقع في ذلك، فقال: "النوع الثاني من الغَلَطِ: أن يَرَى الرَّجُلَ قد تُكُلِّمَ في بعض حديثه، وضُعِّفَ في شيخ أو في حديث، فيجعل ذلك سبباً لتعليل حديثه وتضعيفه أين وجده، كما يفعله بعض المتأخرين من أهل الظَّاهر وغيرهم"1.
وقال مرة: "والطائفة الثانية: يرون الرجل قد تُكُلِّمَ فيه بسبب حديث رواه، وضُعِّفَ من أجله، فيجعلون هذا سبباً لتضعيف حديثه أين وجدوه، فيضعفون من حديثه ما يجزم أهل المعرفة بصحته"2.
ثم يُقَرِّرُ - رحمه الله - الصواب في ذلك، فيقول: "كون الرجل يخطئ في شيء، لا يمنع الاحتجاج به فيما ظهر أنه لم يخطئ فيه"3.
وقال أيضاً: "وأئمة الحديث على التفصيل والنقد، واعتبار حديث الرجل بغيره، والفرق بين ما انفرد به أو وافق فيه الثقات"4.
ولقد نبه الحافظ ابن حجر - رحمه الله - على هذه القاعدة الجليلة النافعة، فقال:
__________
1 الفروسية: (ص45) .
2 تهذيب السنن: (5/326) .
3 تهذيب السنن: (3/312) .
4 الفروسية: (ص45) .

الصفحة 567