كتاب ابن قيم الجوزية وجهوده في خدمة السنة النبوية وعلومها (اسم الجزء: 1)

"فإذا جُرِحَ الرجل بكونه أخطأ في حديث أو وهم أو تفرد، لا يكون ذلك جرحاً مُسْتَقَراً، ولا يُرَدُّ به حديثه"1.
ومن الأمثلة الظاهرة لإيضاح هذه القاعدة وبيانها عند ابن القَيِّم رحمه الله: كلامه عن "عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي" - وقد تُكُلِّم فيه من أجل حديث الشفعة - فقال رحمه الله: "عبد الملك أجلُّ وأوثق من أن يُتَكَلَّمَ فيه، وكان يُسَمَّى "الميزان" لإتقانه وضبطه وحفظه، ولم يتكلمْ فيه أحدٌ قطُّ إلا شعبة، وتكلم فيه من أجل هذا الحديث - يعني حديث الشفعة - وهو كلام باطل.
فإنه إذا لم يضعفه إلا من أجل هذا الحديث، كان ذلك دوراً باطلا؛ فإنه لا يثبت ضعف الحديث حتى يثبت ضعف عبد الملك، فلا يجوز أن يستفاد ضعفه من ضعف الحديث ... ؛ فإن الرجل من الثقات الأثبات الحفاظ، الذين لا مَطْمَحَ للطعن فيهم، وقد احتج به مسلم في صحيحه، وخَرَّجَ له عدة أحاديث ... "2.
وثمة مثال آخر، وهو ما جاء عن ابن حبان - رحمه الله - في تضعيف "بهز بن حكيم" بسبب روايته حديث "إنا آخذوها وشطر إبله"، وقوله: بأنه لولا هذا الحديث لأدخله في الثقات. فَرَدَّه ابن القَيِّم - رحمه الله - بقوله: "كلام ساقط جداً؛ فإنه إذ لم يكن لضعفه سبب إلا روايته هذا الحديث، وهذا الحديث إنما رُدَّ لضعفه، كان هذا دوراً
__________
1 لسان الميزان: (1/ 17- 18) .
2 تهذيب السنن: (5/ 166 - 167) .

الصفحة 568