كتاب ابن قيم الجوزية وجهوده في خدمة السنة النبوية وعلومها (اسم الجزء: 1)

العديدة في الكلام على الرجال جرحاً وتعديلاً، بحيث لو جُمِعَت أقواله المنثورة في أثناء كتبه، لأعطت صورة حقيقية عن جهد ابن القَيِّم وإفاداته في هذا الباب، ولجاءت مرجعاً لا يُستهان به في هذا الفن.
والذي يَهُمُّنَا في هذا المقام: أن ابن القَيِّم - رحمه الله - بالرغم من وجود هذا القدر الهائل من المؤلفات في الرجال، واطِّلاعه عليها، وإفادته منها، لم يكن مجرَّد ناقلٍ لأقوال غيره فحسب، وإنما كانت له شخصيته النقدية المتميزة، الأمر الذي أعطى لأحكامه النقدية قِيمة حقيقية، وفائدة لا يمكن إغفالها.
وتتلخص أهمية أقوال ابن القَيِّم في الجرح والتعديل وأحكامه فيما يلي:
1- اجتهاد ابن القَيِّم - رحمه الله - في شأن بعض الرواة المختلف فيهم جرحاً وتعديلاً، بحيث أعطى لنا - بعد الدراسة والنظر - حُكْماً في هؤلاء: إما بترجيح أحد الأقوال على غيره، أو بالجمع بين تلك الأقوال المتعارضة.
فمن أمثلة ما قام فيه بالترجيح:
ما جاء في كلامه على "زيد بن الحواري"، فإنه نقل فيه اختلاف العلماء، ثم رجح جانب التعديل، فقال: "وحسبه رواية شعبة عنه"1.
وقال عن "سعد بن سعيد الأنصاري" مرجحاً تعديله:"ثقة
__________
1 حادي الأرواح: (ص272) .

الصفحة 575