كتاب ابن قيم الجوزية وجهوده في خدمة السنة النبوية وعلومها (اسم الجزء: 1)

يحتمله، فيخرج من هذه الأقوال بحكم يمثل "قولاً وسطاً" في هذا الراوي، فلا هو يضعف مطلقاً، ولا يُوَثَّقُ مطلقًا.
فمن ذلك: قوله في عبد الله بن لهيعة: "وحديثُ ابن لهيعة يُحْتَجُّ منه بما رواه عنه العبادلة: كعبد الله بن وهب، وعبد الله بن المبارك، وعبد الله بن يزيد المقرئ"1.
ويقول في محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى: "ثقةٌ حافظٌ جليلٌ، ولم يزل الناس يحتجون بابن أبي ليلى على شيء ما في حفظه يُتَّقَى منه ما خَالَفَ فيه الأثبات، وما تفرد به عن الناس"2.
فَبَيَّن - رحمه الله - أنه يعتبر به إذا وافق غيره، ولم يأت بما ينكر عليه، وأنه يترك من حديثه ما خالف فيه أو انفرد عن الناس، فلا يكون حجة في ذلك.
ويقول في سفيان بن حسين: "في الزهري: ضعيف"3.
ثم يُبَيِّن وجه الجمع بين قول من وَثقَهُ وقول من ضَعَّفَهُ، فيقول: "ولا تنافي بين قول من ضعفه وقول من وثقه؛ لأن من وثقه جمع بين توثيقه في غير الزهري وتضعيفه فيه"4.
فهكذا يبين - رحمه الله - أن بعض الرواة لا يعارضُ تضعيفُهُم
__________
1 إعلام الموقعين: (2/406-407) .
2 زاد المعاد: (5/150) .
3 تهذيب السنن: (3/ 344) .
4 الفروسية: (ص44) .

الصفحة 583