كتاب ابن قيم الجوزية وجهوده في خدمة السنة النبوية وعلومها (اسم الجزء: 1)

ويَحْكي الحافظ ابن كثير - رحمه الله - في أحداث سنة (745هـ) أنه "دخل الشيخ أحمد1 الزُّرَعِيُّ على السلطان الملك الصالح، فطلب منه أشياء كثيرة: من تبطيل مظالم ومُكُوسات ... " 2.
ومن الحوادث التي وقعت إبَّان الغزو التتريّ، والتي ترسم لنا صورةً واضحةً عن مدى الظلم الواقع على أفراد الشعب، مع ما كان يتمتع به جنود المماليك من جاهٍ ونعمةٍ: ما حكاه ابن كثير رحمه الله: من أن التتار لما جاوزوا نهر الفرات واقتربوا من حلب عُقِد مجلس بين يدي المنصور بن المعز التركماني، "وحضر قاضي مصر بدر الدين السِّنْجَاريُّ3، والشيخ عز الدين بن عبد السلام، وتفاوضوا الكلام فيما يتعلق بأخذ شيء من أموال العامة لمساعدة الجند، وكانت العهدة على ما يقوله ابن عبد السلام، وكان حاصل كلامه أنه قال: إذا لم يبق في بيت المال شيء، ثم أنفقتم أموال الحوائص4 المذهبة وغيرها من الفضة والزينة، وتساويتم أنتم والعامة في الملابس - سوى آلات الحرب - بحيث لم يبق للجندي سوى
__________
1 أحمد بن موسى، ابو العباس الزُّرَعِيُّ، الشيخ الصالح، نزيل (زرع) من أعمال دمشق، كان من القائمين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والقيام بمصالح الناس عند السلطان والدولة. (توفي 761هـ) .
(البداية والنهاية 18/615 - طبعة الدكتور/ التركي، والدليل الشافي 1/91) .
2 البداية والنهاية: (14/224) .
3 القاضي بدر الدين الكردي السِّنْجَاريُّ، باشر القضاء بالديار المصرية مراراً، توفي سنة (663هـ) . (البداية والنهاية 17/463) .
4 جمع حياصة، والحياصة: سير طويل يُشَدُّ به حزام الدابة. (لسان العرب: ص1070، مادة: حيص) .

الصفحة 60