كتاب ابن قيم الجوزية وجهوده في خدمة السنة النبوية وعلومها (اسم الجزء: 1)

ولم يكن حضور الدروس بهذه المدارس قاصراً على عوام الطلبة، بل ربما حضرها كبار الناس والأعيان، بل والعلماء، من ذلك ما يحكيه ابن كثير - رحمه الله - عن المدرسة الشامية البرَّانِية، وأنه لما درَّس فيها القاضي جمالُ الدين بن قاضي القضاة تقي الدين السبكي "حضر عنده القضاة والأعيان وجماعة من الأمراء والفقهاء" 1.
وقد كان من هذه المدارس بالشام آنذاك عدد كبير، وسأكتفي بالتعريف بمدرستين فقط من مدارس دمشق، وهما: المدرسة الْجَوزِيَّة، والمدرسة الصَدْرِية، وذلك لما لابن القَيِّم - رحمه الله - من علاقة بهما.
1- المدرسة الْجَوزِيَّة:
وهي منسوبة إلى واقفها: محي الدين يوسف بن الشيخ جمال الدين ابن أبي الفرج بن الجوزي، المولود (580هـ) . وقد كان من أهل العلم والفضل، وعظ في موضع أبيه بعد وفاته فأجاد وأفاد، ثم لم يزل متقدماً في المناصب حتى وليَ أستاذ دار الخلافة، ثم قتل مع الخليفة المستعصم بالله على يد التتار - قبحهم الله - سنة (656هـ) 2.
قال عنها الحافظ ابن كثير - رحمه الله –: "وهي من أحسن المدارس"3. وقال الشيخ بكر أبو زيد: "وهي من أعظم مدارس الحنابلة بدمشق الشام"4.
__________
1 البداية والنهاية: (14/228) .
2 البداية والنهاية: (13/223 - 224) .
3 البداية والنهاية: (13/224) .
4 ابن قَيِّم الجوزية - حياته وآثاره: (ص12) .

الصفحة 70