كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 1)

قال المؤيد بالله (¬1): وتُعلم جِدته بمضي ليلة، لاستدعاء السكون جري الريق، وقال أبو مضر (¬2) تخريجا: ويوم مع الليلة، إذ لا يخلو من الريق حينئذ، [وقال المهدي أحمد بن الحسين ورواية عن القاسم: بمضيّ ساعة حكاه الفقيه عليّ.
وقال المنصور: يطهر فمها بزوال عَين النجاسة من دَم] أو غيره، وحكاه أيضًا عن القاسم. قال الإِمام يحيى: التحديد بالمدة إنما هو تقريب، والاعتبار بغَلَبَة الظنّ بجري الريق ثلاثا] (أ):
والوجه في اعتبار ذلك هو أَنَّ الفم إذا باشر النجاسة فلا بد من بقاء أجزاء النجاسة في الفم، وقد قام الدليل على أنَّ عين (ب) النجاسة تنجس ما لاقاها فلا بد من مزيل لها من فم الهرة والمزيل إنما هو الريق -إذ غيره لا يحيط بجوانب الفم- فكان اعتباره لازمًا، وهو مقيد لإِطلاق طهارة سؤرها، فقياس النجاسة التي في فمها على سائر النجاسات من باب قياس المساواة، واعتبار الريق في حقها دون سائر النجاسات لأنه الممكن دون ما عداه، وجَرْي الريق في فمها هو المعتبر، وإنما اليوم والليلة مظنة جري الريق فقط. وقال الشافعي (¬3) -في أحد قولَيْه- لا يطهر إلا بأن يراها تشرب من ماءٍ كثير، أو تغيب مدة يغلب في الظن حصول ذلك (¬4)، ورده المؤيد بالله - عليه السلام - بأنَّ الماء لا يبلغ حيث بلغَت (جـ) النجاسة لأنها دارت في غلاصمها (¬5) بخلاف الماء فإنها تأخذه بطرف لسانها، وترمي به إلى حلقها.
¬__________
(أ) بهامش الأصل.
(ب) في الأصل: غير.
(جـ) في جـ: تبلغ.
__________
(¬1) و (¬2) البحر الزخار 1/ 27.
(¬3) المجموع 1/ 214 - 215.
(¬4) وقيل: إنها تطهر وإن لم تغب أو تشرب ماء لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - عفى عنها مطقا، وعلل بعدم إمكان الاحتراز عنها، ولأننا حكمنا بطهارة سؤرها مع الغيبة في مكان لا يحتمل ورودها على ماء كثير يطهر فاها. المغني 1/ 51.
(¬5) الغلصمة: اللحم بين الرأس والعنق، أو العجرة على ملتقى اللهاة والمريء، أو رأس الحلقوم بشواربه وحرقوته، أو أصل اللسان القاموس 4/ 158.

الصفحة 104