كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 1)

والجواب أن الحديث لم يذكر فيه إلا الماء وبالقياس على سائر المتنجسات إلا ما خصه دليل.
قالت الحنفية: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ذَكَاة الأرض يبسها" (¬1)، وأجيب بأن هذا لا أصل له في الحديث المرفوع، وقد ذكرة ابن أبي شيبة (¬2) موقوفًا على محمد بن على الباقر - رضي الله عنهما -، ورواه عبد الرزاق عن أبي قلابة من قوله: بلفظ: "جفوف الأرض طَهُورها" (¬3) وصب الماء مطهر للأرض الرخوة إجماعا، وأما الصلبة فعند المؤيد بالله والشافعي هي كذلك (¬4)، ومذهب الهادوية أنه لا بد من غسلها، وظاهر الحديث مع المؤيد بالله والشافعي، إلا أنه يُجَاب عنه (أ) بأن أرض المدينة رخوة فمسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - كذلك، ولا يُقاس عليه الصلبة لعدم تخلل الماء لأجزاء الأرض فالحكم فيها كغيرها من المتنجسات.
ويستدل به أيضًا بأنه لا يتوقف طهارتها على النضوب، واختار هذا الإمام المهدي في "البحر" (¬5)، قال الإمام: وذكر (ب) أصحابُنا للمذهب أنه لا بد من النضوب، وعن بعضهم أنه لا بد من الجفاف. قال الموفَّق في "المغني" (¬6): الأَولى (جـ) الحكم بالطهارة مطلقا لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يشترط في الصبّ على بول الأعرابي شيئًا.
واشترطت الحنفية إلقاء التراب وحفرها، كذا رواه الإمام المهدي في
¬__________
(أ) في ب: عليه.
(ب) في الأصل، ب: وذكره.
(جـ) في هـ: الأولى في.
__________
(¬1) قال ابن حجر: لا أصل له في المرفوع. التلخيص 1/ 49.
(¬2) ابن أبي شيبة 1/ 57.
(¬3) ابن أبي شيبة 1/ 57.
(¬4) المجموع 2/ 544، البحر 1/ 26.
(¬5) البحر 1/ 26.
(¬6) المغني 1/ 58.

الصفحة 110