كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 1)

وقد رُوي موقوفًا رواه الدارقطني من رواية سليمان بن بلال عن زيد بن أسلم قال: وهو أصح، وكذا صحح الوقفَ أبو زُرعة وأبو حاتم (¬1)، ولكن الوقف في مثل هذا في حكم الرفع؛ لأن قول الصحابي: "أحل لنا كذا"، وحرم علينا كذا"، مثل قوله: "أمرنا" و "نهينا" (¬2)، فقام الاحتجاج بالحديث بإحدى المرفوعتَيْن والموقوفة (¬3).
والحديث يدل على حِلِّ ما ذُكِر فيه من الجَرَاد وغيره على أي حالٍ وُجِدَ، فلا يُعتبر في الجراد شيء سواء مات حتف أنفه أو بسبب، وهذا قول الجمهور من أهل البيت -عليهم السلام- والشافعيّ وأبي حنيفة (¬4)، وقال الناصر والإمام أحمد بن الحسين ومالك وأحمد بن حنبل (¬5): لا يحل منها إلا ما كان موته بسبب آدميّ بأن (أ) يقطع بعضه (ب) أو يسلق أو يلقي في النار حيًّا أو يُشوى، فإن مات حتف أنفه أو في وعاءٍ حرم.
وروى في "البحر" عن مالك: أنه لا بد من قطف (جـ) (¬6) رؤسِها وإلا حرمت، والحديث حجة عليهم.
¬__________
(أ) في جـ، هـ: فإن.
(ب) في ب: بعضها.
(جـ) في جـ: قطع.
__________
(¬1) علل الحديث 2/ 17.
(¬2) أورد التمثيل بأمرنا ونهينا لأن ابن الصلاح نص عليهما في مقدمته وأنه من المرفوع والمسند عند أكثر أهل العلم. وخالف في ذلك فريق منهم أبو بكر بن الإسماعيلي، والأول هو الصحيح لأن مطلق ذلك ينصرف بظاهرة إلى من إليه الأمر والنهي وهو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. علوم الحديث لابن الصلاح 45، وتدريب الراوي 110 - 111.
(¬3) انظر: التلخيص 1/ 39.
(¬4) البحر 4/ 291، وعن أحمد رواية مثلهم. الروض وحاشيته 3/ 354، الهداية 4/ 70، شرح مسلم 4/ 619 - 620.
(¬5) الروض المربع وحاشيته 3/ 354، بداية المجتهد 1/ 443، البحر 4/ 291.
(¬6) البحر 4/ 302.

الصفحة 117