كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 1)

أحدها: السلامة لك ومعك، الثاني: السلام على حفظك ورعايتك متول له كفيل به، فيكون اسما لله تعالى (¬1)، الثالث: أن السلام بمعنى المسالمة والانقياد.
وفي شرح المشارق (¬2): إن الصلاة على النبي عبارة عن طلب الوسيلة له التي أمرنا بها، وأما الرحمة والمغفرة فهر تحصيل الحاصل، وطلب الوسيلة وإنْ كان موعودا به، ولكنه يجوز أن يكون ذلك مشروطًا بشروطٍ من جملتها الدعاء، فلذلك حَرَّضَ عليه وخص من بين صفاته المادحة النبيَّ والرسول، لأنهما أفضل الصفات له، وبسببهما فُضِّلَ على سائرِ الخَلْق.
و"النبي" مشتق من الإنباء الذي هو الإخبار (¬3)، فيكون أصله الهمز، ويجوز التخفيف، وإنما كره النبي - صلى الله عليه وسلم - قول الأعرابي "يا نبيء الله" بالهمز (¬4)، لأنه لما كان في ذلك ما يوهم أنه من "نَبَأ" يعني خرج مِنْ أرض إلى أرض، فيكون في ذلك ظَنْزٌ للمنافقين الذين كانوا يحبون إطلاق اللفظ المحتمل مثل "رَاعِنَا" في نحوه فنهاه النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه لذلك.
ويجوز أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - مأخوذًا من النبوة بمعنى الرفعة (¬5)، وكلا المعنيين قويمان.
والنبي في لسان الشرع عبارة عن: إنسانٌ أنزل عليه شريعة من عند الله تعالى بطريق الوحي، فإذا أُمِر بتبليغها إلى الغيْر سُمِّيَ رصولا، كذا في "شواهد النبوة".
¬__________
(¬1) ثبت في صحيحَيْ البخاري ومسلم أن الله هو السلام. البخاري مع الفتح كتاب الأذان باب التشهد في الآخرة 2/ 311 ح 831، ومسلم 2/ 40.
(¬2) في شرح المشارق: بعض الدعاء للنبي - صلى الله عليه وسلم - طلب الوسيلة لا طلب الرحمة إذ هي حاصلة لأن ما تقدم من ذنبه وما تأخر معفو عنه، وأما إعطاء الوسيلة فيحتمل أن يكون مشروطا بالدعاء ولذا حرض أمته عليه. أهـ. مبارق الأزهار في شرح مشارق الأنوار 1/ 60.
(¬3) القاموس 1/ 30.
(¬4) لم أقف عليه.
(¬5) القاموس المحيط 1/ 30.

الصفحة 12