كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 1)

وقيل: مَنْ طالت مجالسته متبعا له مع الرواية، ذهب إلى هذا القاضي عبدُ الله بن زيد.
وذهب ابنُ المسيب إلى أنه مَنْ أقام معه سنة، أو غزا غزوة أو غزوتَيْن (¬1).
وقال بعضُ أهل الحديث وبعض الفقهاء: هو مَنْ رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - مع إسلامه (¬2)، وهذا القولُ يتأيد بقوله: - صلى الله عليه وسلم -: "طُوبى لمن راني، أو رأى من رآني" (¬3)، فلا يبعد أن يكون رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - محصلة من الفوائد وجميل العوائد الكثير الطيب الذي يستحق صاحبها الشرف الكبير والفضل العميم.
[واختار المصنفُ -رحمه اللهُ تعالى- لفظ: "مَنْ لقى" دون "من رآني"، لعموم اللقاء للأعمى.
قال: "وكان مؤمنًا ومات على الإِسلام، ولو تخلّلت ردّة" لإِطباق المحدثين على عَدِّ الأشعث بن قيس (¬4) ونحوه ممن وقع منه ذلك، وأما مَنْ لقيه غير مؤمن
¬__________
(¬1) قال العراقي: لا يصح عنه فإن في الإسناد إليه محمد بن عمر الواقدي وهو ضعيف الحدبث (التقييد 297).
وقال ابن الصلاح: وكأن المراد بهذا -إن صح عنه- راجع إلى المحكي بن الأصوليين ولكن في عباراته ضيق يوجب أن لا يُعَدّ من الصحابة جرير بن عبد الله البجلي ومَنْ شاركه في فقد ظاهر ما اشترطه فيهم ممن لا يعرف خلافا في عده من الصحابة. (علوم الحديث 263 - 264).
(¬2) قال البخاري: ومَن صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - أو رآه فهو من أصحابه. البخاري 7/ 3. قلتُ: وهو رأي ابن الصلاح: وقال الحافظ ابن حجر إنه أصح ما وقفت عليه. غلوم الحديث 263 الإصابة 1/ 7.
(¬3) الحاكم من حديث عبد الله بن بسر بلفظ: "طوبى لمن رآني، وطوبى لمن رأى من رآني، ولمن رأى من رأى من رآني وآمن بي) قال الحاكم: وهذا حديث قد رُوى بأسانيد قوية عن أنس بن مالك - رضي الله - عنه مما علونا في أسانيد منها، وأقرب هذه الروايات إلي الصحة ما ذكرناه. قال الذهبي: جميع واهٍ.
وأخرجه أحمد والطبراني وابن حبان من حديث أبي أمامة بلفظ: "طوبى لمن رآني وآمن بي، وطوبى لمن آمن بي ولم يرني سبع مرارا" أحمد 5/ 248، الطبراني 8/ 310 ح 8009. ابن حبان: الإحسان 9/ 178 ح 7189، وقال الهيثمي في المجمع: رواه أحمد والطبراني بأسانيد ورجالها رجال الصحيح غير أيمن بن مالك الأشعري وهو ثقة 10/ 67.
(¬4) تدريب الراوي 396، الإصابة 1/ 8.

الصفحة 16