بيانا للجواز، وهذا في حق المستيقظ، وأما من أراد الوضوء من غير نوم فالغسل مستحب لما مر في صفة وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬1)، ولا يكره الترك لعدم ورود (أ) النهي فيه، وإن كان قد روي عن أبي هريرة "أنه كان يفعله ولا يرى تركه" (¬2) واتفقوا على أنه لو غمس يده لم يضر الماء (¬3). وقال إسحاق وداود والطبري (¬4): بل يتنجس للأمر بإراقته في رواية أخرجها ابن عدي ولكنه حديث ضعيف (¬5)، ولا تزول الكراهة عند الجمهور بأقل من ثلاث غسلات للتصريح بها في رواية مسلم، وإن كانت رواية مالك أخرجها البخاري: "فليغسل يده قبل أن يدخلها". من دون ذكر عدد، وحديث "لا يغمس": أبين في المراد من حديث: "لا يدخل"، فإن مطلق الإِدخال لا يترتب (ب) عليه كراهة كما إذا كان الإِناء واسعا واغترف منه بآلة من دون أن يلامس (جـ) الماء.
وقوله: في الإِناء، المراد به إناء الوضوء، وكذا قد ورد التصريح بالوضوء في رواية البخاري، قال (د): في وضوئه (¬6)، أي الإِناء الذي أعد للوضوء ويلتحق (هـ) به إناء الغسل وسائر الآنية استحبابًا من دون كراهة، وخرج بذكر
¬__________
(أ) في جـ: وجوب.
(ب) في هـ: لا يترب.
(جـ) في هـ: يلمس.
(د) زاد في جـ: و.
(هـ) في جـ: ويلحق.
__________
(¬1) في حديث عبد الله بن زيد وعثمان رضي الله عنهم ومرا في الحديث السابق.
(¬2) الفتح وعزاه إلى سنن سعيد بن منصور، وقال ابن حجر: بسند صحيح 1/ 264.
(¬3) إطلاق الاتفاق فيه نظر، فأما من قالوا: لا يوجب غسلها فلا بأس، وأما من قالوا بالوجوب فيفرق بين الماء الكثير والقليل فيؤثر فيه. المغني 1/ 99.
(¬4) الفتح 1/ 263.
(¬5) ابن عدي في الكامل بلفظ فإن غمس يده في الإناء من قبل أن يغسلها فيلهريق ذلك الماء 6/ 2371 - 2372، من رواية معلى بن الفضل، وقال ابن عدي: قوله: فيهريق ذلك الماء، منكر لا يحفظ.
(¬6) هي رواية مالك في صحيح البخاري وتقدمت في ح 34.