كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 1)

وهذا الحديث يدل على مشروعية تخليل اللحية، ولا خلاف فيه. وأما الوجوب فقد اختلف فيه، فمذهب العترة وأبي ثور والظاهرية والحسن بن صالح أنه واجب كقبل نباتها. قال في البحر: لقوله - صلى الله عليه وسلم - من حديث أنس: "خلل لحيتك" (¬1)، ولفظه: قال: "أتاني جبريل فقال: إذا توضأت فخلل لحيتك". وروي عن علي - عليه السلام -: "ما بال أقوام يغسلون وجوههم قبل أن تنبت اللحية، فإذا نبتت اللحى ضيعوا الوضوء". حكاهما في أصول الأحكام وأخرج أبو داود حديث أنس (¬2) وفي إسناده الوليد بن زوران (أ) (¬3)، وهو مجهول الحال، ولفظه "كان إذا توضأ أخد كفا من ماء (ب) فأدخله تحت حنكه فخلل به (جـ) لحيته وقال: هكذا أمرني ربي" وله طرق أخرى ضعيفة (¬4). وذهب الفريقان إلى أنه غير واجب، لحديث وضوئه - صلى الله عليه وسلم - في رواية ابن عباس: "ثم أخذ أخرى فجمع بها يديه ثم غسل وجهه" (¬5) والغرفة الواحدة لا تصل باطن الشعر الكثيف. وأجيب بأن حديث أنس فيه زيادة وهي معمول بها. والحق أن ذلك مع صحة الرواية صحيح وقد عرفت ما فيها والله أعلم.

37 - وعن عبد الله بن زيد - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أُتِيَ بثُلُثَي مُدِّ فجعل يدلِّك ذراعيه. أخرجه أحمد وصححه ابن خزيمة (¬6).
¬__________
(أ) في جـ: وردان، وفي ب، هـ: رزوان.
(ب) في جـ: الماء.
(جـ) في جـ: بين.
__________
(¬1) البحر 1/ 60.
(¬2) أبو داود 1/ 100 ح 145.
(¬3) الوليد بن زوران الرقي، وقيل زوران، لين الحديث، وقال في التلخيص: مجهول الحال. الخلاصة 416، التقريب 370، التلخيص 1/ 97.
(¬4) ذكرها في البدر والتلخيص البدر 1/ 143، التلخيص 1/ 97.
(¬5) أبو داود 1/ 95 ح 137 - واللفظ له والبخاري بمعناه 1/ 241 ح 140.
(¬6) أخرجه أحمد ولم يذكر ثلثي مد 4/ 39، ابن خزيمة باب الرخصة في الوضوء بأقل من قدر المد من الماء 1/ 62 واللفط له وفيه (ذراعه)، والحاكم بزيادة (فتوضأ فجعل يدلك) 1/ 161، وقال على شرط مسلم ووافقه الذهبي، والبيهقي بلفظ الحاكم 1/ 196.

الصفحة 217