كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 1)

بالسياط حتى ذهب عقله، ثم أفاق وقد زالت القيود عنه، وكان مدة امتحانه وحبسه ثمانية وعشرين شهرا (¬1)، ومن كراماته الباهرة أن تكة لباسه انقطعت فتحرك لباسه إلى النزول إلى عانته، فحرك شفتَيْه (أ) فارتفع وثبت، ولم يظهر شيءٌ من عورته. وروى أنه دعا وقال: "اللهم إني أسألك باسمك الذي ملأ العرش، إنْ كنت تعلم أني على الصواب فلا تهتك لي سترا".
وأصاب بعضَ من ضربه البَرَصُ.
وروي أن جملة ضاربيه مائة وخمسون رجلا، وفضائله كثيرة، وأنواره مشهورة.
ولد في شهر ربيع الأول سنة أربع وستين ومائة، وتوفي سنة إحدى وأربعين ومائتين -على الأصح المشهور- في خلافة المتوكل بمدينة السلام، ودُفِن بباب حرب في الجانب الغربي، وصلى عليه محمد بن طاهر، وحضر جنازته خلقٌ كثير لم يُرَ مثل ذلك اليوم ولا في جنازة أحد ممن سلف.
واختلفوا في عدد المصلين، ومِنْ جملة ما قيل: إنّ الأرض التي وقعت الصلاة فيها مُسِحَتْ فوسعت ستمائة ألف وأكثر سوى ما كان في الأطراف والسفن (¬2)، وقيل: كانوا ألف ألف وثلاثمائة ألف.
قال أبو زرعة: بلغني أن المتوكل أمر أنْ تُمسَح الأرض التي وقف عليها الناس، للصلاة على أحمد، فبلغ مقام ألفي ألف وخمسمائة ألف (¬3).
¬__________
(أ) في هـ: شفته.
__________
(¬1) ولعل الاختلاف منشؤه متى دخل السجن هل هو في رمضان أو في ذي الحجة، وقال العليمي إنّه جلس قرابة ثمانية وعشرين شهرا. المنهج الأحمد 1/ 37.
(¬2) مناقب الإمام أحمد 504 - 505.
(¬3) مناقب الإمام أحمد 504 - 505.

الصفحة 22