كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 1)

واختلف العلماء في القدر المستحب من التطويل في التحجيل فقيل إلى المنكب والركبة، وقد ثبت عن أبي هريرة رواية ورأيا (¬1) وعن ابن عمر (¬2) من فعله. أخرجه ابن أبي شيبة وأبو عبيد بإسناد حسن. وقيل: المستحب الزيادة إلى نصف العضد والساق، وقيل إلى فوق ذلك و (أ) قال ابن بطال (¬3) وطائفة من المالكية لا تستحب الزيادة على الكعب والمرفق، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من زاد على هذا فقد أساء وظلم" (¬4)، وكلامهم معترض من وجوه، ورواية مسلم صريحة في الاستحباب فلا تعارض بالاحتمال. وأما دعواهم اتفاق (ب) العلماء على خلاف مذهب أبي هريرة في ذلك فهي مردودة بما نقلناه (ص) عن ابن عمر وقد صرح باستحبابه جماعة من السلف وأكثر الشافعية (¬5) والحنفية، وأما تأويلهم الإِطالة المطلوبة بالمداومة على الوضوء فمعترض بأن الراوي أدرى بمعنى ما روي، "كيف وقد صرح برفعه إلى الشارع - صلى الله عليه وسلم - (د) في الحديث (هـ) يعني ما ترجم له من فضل الوضوء" (¬6). لأن (و) الفضل الحاصل بالغرة والتحجيل من آثار الزيادة على
¬__________
(أ) الواو ساقطة من جـ.
(ب) زاد في جـ: مذهب.
(جـ) في جـ: كما نقلناه، وفي هـ: بما قلناه.
(د) زاد في هـ: و.
(هـ) في جـ: حديث.
(و) في جـ: فإن.
__________
(¬1) أخرج مسلم في صحيحه عن نعيم بن عبد الله أنه رأى أبا هريرة يتوضأ فغسل وجهه ويديه حتى كاد يبلغ المنكبين ثم غسل رجليه حتى رفع إلى الساقين ثم قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن أمتي يأتون يوم القيامة غرا محجلين من أثر الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل" 1/ 219 ح 40 - 250.
(¬2) الطهور ل 3 ب و 4 أ.
(¬3) ابن بطال باب فضل الوضوء.
(¬4) أبو داود، وزاد: "أو نقص" 1/ 94 ح 135، النسائي 1/ 75، ابن ماجه 1/ 146 ح 422 ابن خزيمة 1/ 89 ح 174، وقد سبق الكلام عليه في ح 33.
(¬5) المجموع 1/ 422 - 424 قلت: حكى الإمام النووي أنه مذهب الشافعية ولا خلاف بين الأصحاب. حاشية رد المختار 1/ 130.
(¬6) نقل هذا الكلام من الفتح وقد ترجم الإمام البخاري على هذا الحديث باب فضل الوضوء، والغر المحجلون من آثار الوضوء 1/ 235.

الصفحة 223