كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 1)

وعن بعض جيران أحمد أنه أسلم يوم موته من اليهود والنصارى والمجوس عشرون ألفا، وقد استبعد الذهبي (¬1) هذه الحكاية من حيث تفرد الراوي والقضية من حقها أن تشتهر، والله أعلم.
وكان قبره ظاهرا ببغداد (أ) يتبرك به فطمسته الروافض (¬2) لما استولوا عليها، ثم أعاد ذلك السلطان سليمان، وروي أنه كشف القبر فرئي وهو (ب) على كيفيته حتى كفنه لم يتغير، وهو الآن مزور رحمة الله تعالى عليه (جـ).
وله -رحمه الله- المسند الكبير أعظم المسانيد وأحسنها وضعا وانتقاءً (د)، فإنه لم يدُخِل فيه إلا ما يحتج به مع كونه انتقاه من أكثر من سبعمائة ألف حديث وخمسين ألف حديث، وقال: "ما اختلف فيه المسلمون من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فارجِعوا فيه إلى المسند، فإن وجدتموه وإلا فليس بحجة".
وبالغ بعضُهم فأطلق الصِّحَّة على كل ما فيه، وأما ابن الجوزي فأدخل كثيرا منها في "موضوعاته"، وتعقبه بعضهم في بعْضِها وفي سائرها شيخ الإسلام ابن حجر (¬3) وحقق نفي الوضع عن جميع أحاديثه، وأنه أحسن انتقاء وتحريرا من الكتب التي لم يلتزم مصنفوها الصحة في جميعها كالموطأ والسنن الأربع، وليست الأحاديث
¬__________
(أ) في هـ: ببغداذ - بذال معجمة.
(ب) ساقطة من هـ.
(جـ) سقط من هـ: عليه.
(د) في هـ: وانتقادا.
__________
(¬1) سير أعلام النبلاء 11/ 343.
(¬2) لا يجوز التبرك بالقبور فإن زيارتها للتذكير بالآخرة والاستغفار للميت أمر حث عليه الشارع، أما التبرك وطلب النفع وما شابه ذلك فلا يجوز لأن ذلك لا يطلب إلا ممن يملك النفع والضر وهو الله سبحانه وتعالى.
(¬3) تعقبه أبو موسى المديني، وتبعه العراقي وابن الجوزي، واستدركوا عليه تسعة أحاديث، وأضاف إليه الإمام ابن حجر خمسة عشر حديثًا في جزء صغير سماه "القول المسدد في الذب عن المسند" وقد طبع هذا الجزء. وذكر السيوطي أن ابن حجر فاته أربعة عشر حديثًا وأنه جمعها في جزء صغير أسماه "الذيل الممهد" التدريب 1/ 172 - 173، النكت على ابن الصلاح 1/ 450 - 473.

الصفحة 23