كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 1)

متروك (¬1). قال الإِمام في البحر (¬2): فجمعنا بين الحديثين فحملنا الحديث الأول على العامد، وهذا على الناسي وذهبت الحنفية والشافعية وربيعة ومالك وأحد قولي الهادي - عليه السلام - (¬3) إلى أنها سنة استدلالًا بحديث أبي هريرة الأخير، وقد عرفت ما فيه. وأقوى منه قوله في حديث الأعرابي: "توضأ كما أمرك الله" (¬4)، ولم يذكر التسمية، وقد مر، وتأولوا حديث الباب بالوضوء الكامل، وإذا عرفت ما تأولناه في الخبرين فالأول أرجح لكثرة المتابعات، وتقوية الطرق بعضها بعضًا. والحديث الثاني ليس في قوته وأيضًا فإنه إذا تعارض الموجب وغيره، يرجح الموجب على المختار، والأول موجب لها، والثاني غير موجب، فيترجح العمل بالأول. وأما حديث "توضأ كما أمرك الله" فإن هذا مثبت لزيادة كحديث المضمضة، والنظر إنما هو في صحة القدر الذي يجب معه العمل فيعمل به، ولكنه قد روى الرافعي (¬5) زيادة في حديث الباب: لا وضوء كامل. فمع وجود هذه الزيادة وفرض صحتها فلا حجة فيه إلا أنه قال المصنف -رحمه الله تعالى- لم يره هكذا (¬6) بهذا اللفظ، والله سبحانه أعلم.

46 - وعن طلحة بن مصرف - رضي الله عنه - عن أبيه عن جده قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفصل بين المضْمضَة والاسْتِنْشاق" أخرجه أبو داود بإسناد ضعيف (¬7).
¬__________
(¬1) يحيى بن هاشم السمسار أبو زكريا الغساني الكوفي، كذبه ابن معين، وقال النسائي: متروك، وقال ابن عدي: كان بغداد يضع الحديث ويسرقه.
الميزان 4/ 412، ضعفاء العقيلي 4/ 432.
(¬2) البحر 1/ 58.
(¬3) المجموع 1/ 359 - 361، البناية 1/ 133، البحر 1/ 58.
(¬4) مر الحديث في ح 30.
(¬5) فتح العزيز 1/ 386.
(¬6) التلخيص 1/ 87.
(¬7) أبو داود بنحوه كتاب الطهارة باب في الفرق بين المضمضة والاستنشاق 1/ 96 ح 139، البيهقي الطهارة باب الفصل بين المضمضة والاستنشاق 1/ 51.

الصفحة 239