كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 1)

فلا دلالة على ذلك، وأما الأمر بالإِعادة فلأنه يحتمل أنه أراد التشديد عليه في الإِنكار والتنبيه على أن من ترك شيئًا فكأنه تارك للكل، وفيه ما فيه (¬1). .
وفي الحديث أيضًا أن الجاهل والناسي حكمهما في الترك حكم العامد، وفيه تعليم الجاهل بالرفق.
وفي قوله: مثل الظفر، الظفر فيه لغات أجودها بضم الظاء والفاء، وبه جاء القرآن العزيز (¬2)، ويجوز إسكان الفاء، وبكسر الظاء مع إسكان الفاء وكسرهما، وقريء بهما في الشواذ، ويقال أيضًا أظفور ويجمع الظفر على أظفار جمع الجمع أظافير (¬3).

50 - وعنه - رضي الله عنه - قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضّأ بالمُدِّ ويغتسل بالصَّاعِ إلى خمسةِ أمْداد" متفق عليه (¬4).
المد رطل وثلث بالبغدادي، والصاع أربعة أمداد، وأبو حنيفة (¬5) يخالف في هذا المقدار، ولما جاء أبو يوسف (¬6) إلى المدينة وتناظر مع (أ) مالك في المسألة استدل مالك بصيعان أولاد المهاجرين والأنصار الذين أخذوها من آبائهم، فرجع إليه أبو يوسف.
¬__________
(أ) ساقطة من هـ.
__________
(¬1) وقال الصنعاني: إن قول الراوي أمره أن يعيد الوضوء: أي غسل ما تركه وسماه إعادة باعتبار ظن المتوضيء. السبل 1/ 100، قلت: ولعل هذا بناء على أن الموالاة ليست واجبة.
(¬2) قال تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} الآية [الأنعام: 146].
(¬3) شرح مسلم 1/ 529، القاموس 2/ 83.
(¬4) أخرجه مسلم بلفظه كتاب الحيض باب القدر المستحب من الماء في غسل الجنابة 1/ 258 ح 52 - 326 وأخرجه البخاري وقدم الغسل على الوضوء كتاب الوضوء باب الوضوء بالمد 1/ 304 ح 201، وأخرجه أبو داود بمعناه كتاب الطهارة باب ما يجزيء من الوضوء 1/ 72 ح 95، والنسائي بمعناه كتاب الطهارة باب القدر الذي يكتفي به الرجل من الماء للوضوء 1/ 50، أحمد 3/ 112.
(¬5) استدل أبو حنيفة بحديث أنس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتوضأ برطلين ويغتسل بالصاع ثمانية أرطال، قال الدارقطني: تفرد به موسى بن نصر وهو ضعيف الحديث. الدارقطني 1/ 94، شرح معاني الآثار 1/ 48.
(¬6) انظر القصة في نصب الراية 2/ 428 - 429.

الصفحة 246