كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 1)

وقيل: إن كان لا يعتقد حِلّ الكذب لنصرة مقالته والمعتمد أَنَّ مَنْ أنكر أمرًا متواترًا معلوما مِن الشرعِ بالضرورة أو اعتقد عكسه فإنه لا يُقْبَل، لأنه يصير حكمه حكم كافر التصريح.
وأما مَن كان كُفره من حيث التأويل لما طرأ عليه من خطأ النظر في الأدلة، فإنه يُقبل مهما كان مستكملا لشرط الرواية من الضبط والعدالة، وإن كانت بمُفسِّق فقيل: يُرَد مطلقا (¬1)، وقيل؛ يُقبل مطلقا، إلا إنْ اعتقد (أ) حِلّ الكذب (¬2)، وقيل: يُقبل مَن لم يكن داعية إلى بدعته.
والأولى أن مَن عُرِف من حاله الأمانةْ وصدق اللهجة وأن المذهب لا يحمله على محبة ترويج الباطل وتقويته بما ليس بحق فإنه يُقْبَل (¬3)، وإلا رُدَّ.
وقال الجُوْزَجَاني (¬4) شيخ النَّسَائي: "إن مَنْ لم يكن داعية إلى بدعته (ب) يقبل إذا لم يكن ما رواه مُقَوِّيًا لبدعته" (¬5).
العاشر: سوء حفظ الراوي، فإِنْ كان لازما له في جميع حالاته فإنه يسمى بالشاذ على رأي بعض المحدِّثين، وإنْ كان سوء الحفظ طارئا عليه سمى:
¬__________
(أ) في ب: يعتقد.
(ب) في ب: بدعة.
__________
(¬1) ونسبه الخطيب إلى مالك لأن في الرواية عنه ترويجا لأمره وتنويها لذكره. الكفاية 194.
(¬2) حكى الخطيب هذا القول عن الشافعي وقال: أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم، وحكاه عن ابن أبي ليلى والثوري. الكفاية 194.
(¬3) وهو قول الأكثر من العلماء.
(¬4) شرح النخبة 32 - 33.
(¬5) قال أبو إسحاق الجوزجاني في كتابه "معرفة الرجال": " ... ومنهم زائغ عن الحق -أي عن السنة-، صادق اللهجة فليس فيه حيلة إلا أن يؤخَذ من حديثه ما لا يكون منكرا إذا لم يقوي بدعته". شرح النخبة 33.

الصفحة 43