كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 1)

كذلك، إلا أنه يمكن الفرق بين المجاور الثالث والغسلة الثالثة بأنها لما رفعت حكمًا زال عنها حكم الطهورية بخلاف المجاور الثالث فإنه لم يرفع حكما فبقى على أصل الطهورية، والقائلون بعدم نجاسة الكثير إذا لم يتغير اختلفوا في تحديده، فذهب أبو طالب والمؤيد إلى أنَّ الكثير ما لم يظن استعمال النجاسة باستعمال الماء تحقيقا أو تقديرا والقليل ما عداه، والوجه في ذلك أنه لا يتحقق هجران النجس (أ) المأمور به في الآية والمستنبط من حديث الاستيقاظ وحديث البَول في الماء الراكد إلا بذلك.
واختلفت الحكاية عن الهادي، فحكى في "شرح الإبانة" عن الهادي، وأطلقه القاضي زيد للمذهب أن الكثير ما لا تستوعبه القوافل الكبار شربا (ب) وطهورا، والقليل عكس ذلك، ونظَّرَه الإمام المهدي (¬1) بأنَّ في ذلك جهالة، فإنه لا يدري كم يغترفون (جـ) يعني لشربهم في الطريق، وهل شربهم قبل الاغتراف أو بعده.
وعن الأمير الحسين الهادي أن حده ستة أذرع عرضا ومثلها عمقا، ولعل مستند ذلك ما ورد في بئر بُضَاعة أنَّ عرضها ستة أذرع. قال أبو داود: سمعت قتيبة بن سعيد قال: سألت قَيِّمَ بئر بُضَاعة عن عُمقها، فقلت: أكثر ما يكون فيها الماء؟ قال: إلى العانة، قلتُ: فإذا نقص؟ قال: دون العَورة. قال أبو داود: "قَدَّرْتُ بئر بضاعة بردائي مددته عليها ثم ذَرَعْتُه فإذا عرضها ستة أذرع،
¬__________
(أ) في هـ: لنجس.
(ب) في ب: مشربا.
(جـ) في ب: يغرفون.
__________
(¬1) البحر 1/ 33.

الصفحة 60