كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 1)

• فائدة ذكرها بعض الأفاضل (¬1) في قوله في حديث بئر بضاعة: "وهي بئر يطرح فيها (أ) الحيض ولحوم الكلاب والنتن" وهي قد يظنُّ بعض الناس إذا سمع هذا الحديث أن هذا كان منهم عادة وأنهم كانوا يأتون هذا الفعل قصدًا وتعمدًا، وهذا ما لا يجوز أن يظن بذمي بل وَثَنِيّ فضلًا عن مسلم، فكيف يُظَن بأهل ذلك الزمان الذين هم في أعلى طبقات التحرز من (ب) المآثم والبعد عن الشبه والمظالم، والماء ببلادهم أعز، والحاجة إليه أمس، وقد لعن رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: مَنْ تَغَوَّطَ في موارد الماء ومشارعه (¬2) فكيف بمن اتخذ عيون الماء ومنابعه رصدًا للأنجاس ومطرحا للأقذار، وإنما كان ذلك من أجل أن هذه البئر موضعها في حدود من الأرض، وكان السيول كانت تكسح هذه الأقذار من الطرق والأفنية وتحملها وتلقيها فيها وكان الماء لكثرته لا يؤثر فيه وقوع هذه الأشياء ولا يغيّره فسألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن شأنها ليعلموا حكمها في الطهارة والنجاسة فكان (جـ) من جوابه لهم أن الماء ... الحديث. انتهى.
¬__________
(أ) ساقطة من هـ.
(ب) في هـ: عن.
(جـ) في هـ، جـ: وكان.
__________
(¬1) الخطابي في معالم السنن 1/ 73.
(¬2) وعن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " اتقوا المَلَاعِين الثلاثة: البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل".
سنن أبي داود كتاب الطهارة باب المواضع التي نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن التخلي فيها 1/ 28 - 29 ح 26.
قلتُ: وقد اختلف العلماء -رحمهم الله- في حديث القلتين اختلافا كبيرا، ومنشأ خلافهم في طهارة الماء، وهل يتأثر بالنجاسة وما هو القَدْر الذي يتأثر في ذلك وكل يريد الدلالة له. راجع المغني 1/ 25، المجموع 1/ 131، الاستذكار 1/ 202.

الصفحة 68