كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 1)

الحكم بالبول عملا بظاهر اللفظ فينجس الماء بالبول وإن كان كثيرًا (¬1)، بخلاف ما عداه من النجاسات، والقياس دليلٌ عليه، وداود الظاهريّ (¬2) خص الحكم بالبول بشرط أنْ يكون فيه لا إذا كان في إناء ثم صبه فيه أو بال بِقُرْب الماء حتى وصل إليه، وهو جمودٌ منه على ظاهر العبارة، ووقوفٌ على صريح الدلالة، وهو (أ) مخالف لإجماع العلماء.
وأما الاغتسال وهو جنب في الماء الدائم فقال جماعة من العلماء: إنه يكره الاغتسال في الماء الراكد قليلا كان أو كثيرًا، وكذا يُكره الاغتسال في العَيْن الجارية: قال الشافعي -رحمه الله- في البُويطي: "أكره للرجل أن يغتسل في البئر مَعِيْنَة كانت أو دائمة، وفي الماء الراكد الذي لا يجري، قال الشافعي: وسواء قليل الراكد وكثيره (ب) أكره الاغتسال فيه". هذا نصه، وهو محمولٌ على كراهة التنزيه لا التحريم.
وأما حكم الماء وإزالته للجنابة فإنْ كل الماء كثيرا (¬3) (ب) فهو باقٍ على التطهير، وهذا الحديث مخصوص (جـ) بالكثير مخرج عنه حكمه، وإن كان قليلا وانغمس (د) فيه فإنه يجزئه الاغتسال لأن البَدَن كالعضو الواحد في الغُسل (¬4)،
¬__________
(أ) في هـ: وهذا.
(ب) بالهامش في هـ.
(جـ) في جـ: هو مخصص.
(د) في ب: فانغمس.
__________
(¬1) للإمام أحمد روايتان:
أ) أنه ينجس، وروى ذلك عن علي والحسن البصري.
ب) أنه لا ينجس ما لم يتغير كسائر النجاسات.
قال ابن قدامة: (وأكثر أهل العلم لا يفرقون بين البول وغيره من النجاسات). المغني 1/ 39 - 40.
(¬2) الفتح 1/ 347.
(¬3) أي: أكثر في قلتين.
(¬4) ووجة آخر أن الماءَ يصيرُ مستعملًا ولم يرتفع حدث المحدث للحديث: "لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جُنُب" فالنهي يقتضي فساد المنهي عنه، المغني 1/ 22.

الصفحة 77