كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 1)

فيه إيماءٌ إلى جواز العَكس وهو تطهر المرأة بفضل الرجل، وفي ذلك خلاف، فنقل الطحاوي والقرطبي (¬1) والنووي (¬2) (الاتفاق على جواز اغتسال الرجل والمرأة من الإِناءِ الواحد، وفيه نظر لما حكاه ابن المنذر عن أبي هريرة (أ) - رضي الله عنه - أنه كان ينهى عنه، وكذا حكاه ابن عبد البر (¬3) عن قوم، وهذا الحديث حجة عليهم، ونقل النووي (¬4) أيضًا الاتفاق على جَوَاز وُضُوء المرأة بفَضل الرجل دون العكس، وفيه نظر أيضًا (¬5)، ثبت الخلاف فيه الطحاوي؛ وثبت عن ابن عمر والشَّعْبي والأوزاعي المنع، لكن مقيدا بما إذا كانت حائضا (¬6).
وأما عكسه فصحَّ عن عبد الله بن سرجس (ب) الصحابي وسعيد بن المسيب والحَسَن البصري (¬7) أنهم منعوا التطهر بفضل المرأة، وبه قال أحمد وإسحاق (¬8)، لكن قيداه بما دخلت فيه لأن أحاديث الباب ظاهرة في الجواز.
ونقل الميموني عن أحمد أن الأحاديث واردة في منع التطهر بفَضْل المرأة وفي جواز ذلك مضطربة، قال: لكن صح عن (جـ) عِدة من الصحابة المنع فيما إذا دخلت فيه، وعُورض بصحة الجواز عن عِدة من الصحابة منهم ابن عباس، والله أعلم.
¬__________
(أ) بهامش هـ.
(ب) في النسخ حصن عدا هـ ففيها: حصين، وفي الفتح 1/ 300، والمغني 1/ 214، 215، وشرح مسلم 1/ 617 سرجس.
(جـ) في هـ: "عند".
__________
(¬1) المفهم، ولفظه: (اتفقَ العلماء على جواز اغتسال الرجل وحليلته ووضوئهما من إناء واحد إلا شيئًا رُوِى في كراهية ذلك عن أبي هريرة، وحديث ابن عمر وعائشة يرده) المفهم ل 103.
(¬2) شرح مسلم 1/ 617.
(¬3) الاستذكار 1/ 372 - 373.
(¬4) شرح مسلم وعبارته: "وأما تطهر المرأة بفضل الرجل فجائز بالإجماع" 1/ 617.
(¬5) قلت: "وهذا منتَقَض بالخلاف". انظر: المغني 1/ 214، المجموع 2/ 195.
(¬6) المغني 1/ 214.
(¬7) شرح مسلم 1/ 617.
(¬8) المغني 1/ 214، ورواية أخرى: "يجوز الوضوء به للرجال والنساء جميعا"، واستدل بحديث ميمونة 1/ 214 - 215.

الصفحة 84