كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 1)

فإِنْ قِيل: المراد الطهارة اللغوية، فالجواب: إِنَّ حمل اللفظ على حقيقته الشرعية مُقَدَّم على اللغوية، ويدل أيضًا على نجاسة ما ولغ فيه سواء كان شرابا أو غيره إذ قد ورد الأمر بالإِراقة في رواية صحيحة على وجه العموم، [وخص مالك في قيل له ذلك بالماء، وأن الطعام إذا ولغ فيه لا يُجتنب ولا يُراق (¬1)] (أ)، وهو ظاهر في نجاسة فيه، ومقيس عليه سائر بدنه، وذلك أنه إذا ثبت نجاسة لعابه، ولعابه جزء من فيه، إذ هو عَرَق فيه ففمه نجس، إذ العرق جزء مُتَحَلِّب من البَدَن فكذلك بقية بدنه، إذ فيه أشرف ما فيه، إلا أنه يرد عليه بأن ذلك يحتمل (ب) أن النجاسة في لعابه وفيه إنما هو (جـ) بسبب استعماله للنجاسة بحسب الأغلب، وعلق الحكم بالنظر إلى أغلب أحواله من أكله للنجاسات ومباشرته لها فلا يدل على نجاسة العَيْن، والقول بنجاسة الكلب مذهب الهادي والمؤيد بالله (د) وأبي طالب وأبي حنيفة (¬2)، والخلاف في ذلك لمالك (¬3) وداود والزهري لما رُوي عن مالك أنَّ جميع الحيوانات طاهرة مأكولة إلا أربعة معروفة، ولم يصرح بجواز أكله، [وعن مالك رواية أنه نجس، لكن الماء لا ينجس إلا بالتغير فلا (هـ) يجب التسبيع للنجاسة بل للتعبد (¬4)] (و).
وخَرَّج المؤيد بالله طهارته أيضًا للقاسم، لأنه (ذكر في النيروسي (¬5) طهارة
¬__________
(أ) بهامش الأصل.
(ب) في ب: محتمل.
(جـ) في هـ: هي.
(د) سقطت من هـ.
(هـ) في ب: ولا.
(و) بهامش الأصل.
__________
(¬1) الشرح الصغير 1/ 33.
(¬2) والشافعي وأحمد. انظر: المغني 1/ 52، وشرح مسلم 1/ 575، والبحر الزخار 1/ 12.
(¬3) الكافي 1/ 158.
(¬4) شرح مسلم للنووي 1/ 575، إحكام الأحكام 1/ 144. الكافي 1/ 158 - 159.
(¬5) النيروسي هو جعفر بن محمد بن شعبة النيروسي، كان من العلماء الفضلاء، له كتاب مسائل النيروسي. تراجم رجال شرح الأزهار 3/ 10.

الصفحة 89