كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 1)

وقوله في رواية مسلم (¬1): "وعفروه الثامنة بالتراب" وارد على الشافعي، ومن اقتصر على السبع فإنه يدل دلالة صريحة على وجوب الثامنة. قيل: ولم يقل به إلا الحسن البصري (¬2)، وقد تقصى عنه النووي بأن المراد اغسلوه سبعا واحدة منهن بتراب مع الماء فكأن (أ) التراب قائم مقام غسلة فسميت ثامنة (¬3)، وفيه تكلف لا يخفى.
[وأُجيب أيضًا بأن أبا هريرة لم يَرْوِ الثامنة وهو أحفظ مَن روح الحديث في دهره فروايته أولى: وفيه بأن حديث عبد الله بن مُغَفَّل صحيح (¬4) قال ابن منده: "مُجْمع على صحته، وهي (ب) زيادة ثقة (جـ) مقبولة"، وقد ألزم الطحاوي الشافعية بذلك (¬5)، وأيضًا فقال (د) الشافعي في حديث التتريب لم أقف على صحته (¬6)، وهذا لا ينفع أصحابه الذين وقفوا على صحته، وأيضًا يجوزُ أنْ يكون محمولا على مَنْ نسي استعمال التراب حتى فعل السبع فإنه يجب عليه الثامنة.
¬__________
(أ) في ب: وكأن، وفي شرح مسلم: كأن 1/ 575.
(ب) في ب: وهو.
(جـ) في جـ، في: منه.
(د) في هـ: قد قال.
__________
(¬1) مسلم من حديث عبد الله بن مغفل 1/ 235 ح 93 - 280.
(¬2) رواية في مذهب الإمام أحمد ومالك، المغني 1/ 52، التلخيص 1/ 36.
(¬3) شرح مسلم 1/ 575، فإن الحديث نص على الثامنة بالتراب وهو ظاهر في كونه غسلة مستقلة. ذكره ابن دقيق العيد وابن حجر.
(¬4) أخرجه مسلم في "صحيحه" عن ابن المغفل قال: "أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتل الكلاب، ثم قال: ما بالهم وبال الكلاب، ثم رخص في كلب الصيد وكلب الغنم وقال: "إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات وعفروه الثامنة بالتراب".
صحيح مسلم 1/ 235 ح 93 - 280، وأبو داود 1/ 59 ح 74، والنسائي 1/ 144، وأحمد 5/ 56، والدارمي 1/ 188.
(¬5) التلخيص 1/ 36.
(¬6) الفتح 1/ 277.

الصفحة 95