كتاب طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (اسم الجزء: 1)

وَقَالَ أَبُو أَحْمَد بْن عدي الْحَافِظ سَمِعت أَبِي يَقُول كنت بِالريِّ وَأَنا غُلَام فِي البزازين فَحلف رجل بِالطَّلَاق أَن أَبَا زرْعَة يحفظ مائَة ألف حَدِيث فَذهب قوم إِلَى أَبِي زرْعَة وَذَهَبت مَعَهم فَذكرُوا لَهُ حلف الرجل فَقَالَ مَا حمله عَلَى ذَلِك قِيلَ قد جرى ذَلِك مِنْهُ فَقَالَ يمسك امْرَأَته فَإِنَّهَا لم تطلق
فَإِن قلت الرجل لَا يَقع عَلَيْهِ الطَّلَاق سَوَاء وَافق الْمَحْلُوف عَلَيْهِ مَا فِي نفس الْأَمر أم خَالفه لِأَنَّهُ حلف عَلَى غَلَبَة ظَنّه
قلت المُرَاد هُنَا تَحْقِيق مَا فِي نفس الْأَمر ليَكُون من إمْسَاك زَوجته عَلَى يَقِين وكي لَا يسْتَحبّ لَهُ الْمُرَاجَعَة فَإِن الْوَرع فِي حَالَة الشَّك أَن يُرَاجع وَهنا لَا شكّ
وَنَظِير الْحِكَايَة أَن رجلا أَتَى القَاضِي الْحُسَيْن رَحمَه اللَّه فَقَالَ حَلَفت بِالطَّلَاق أَنه لَيْسَ أحد فِي الْفِقْه وَالْعلم مثلك فَأَطْرَقَ رَأسه سَاعَة وَبكى ثمَّ قَالَ هَكَذَا يفعل موت الرِّجَال لَا يَقع طَلَاقك
فَإِن قلت فقد قَالَ الْأَصْحَاب فِيمَا إِذا قَالَ السّني إِن لم يكن الْخَيْر من اللَّه وَالشَّر فامرأتي طَالِق وَقَالَ المعتزلي إِن كَانَا من اللَّه فامرأتي طَالِق أَو قَالَ السّني إِن لم يكن أَبُو بكر أفضل من عَلِيّ فامرأتي طَالِق وَعكس الرافضي يَقع طَلَاق المعتزلي والرافضي صرح بِهِ إِبْرَاهِيم المروروذي مَعَ أَن كلا مِنْهُمَا حلف عَلَى غَلَبَة ظَنّه
قلت لِأَن خطأ المعتزلي والرافضي فِيهِ قَطْعِيّ وَالْمَسْأَلَة قَطْعِيَّة فَلَا يَنْفَعهُ الظَّن

الصفحة 66