كتاب طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (اسم الجزء: 1)

أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عبد الله بْن أَحْمَد الْأَصْبَهَانِيّ الزَّاهِد أَخْبَرَنَا أَبُو السّري مُوسَى ابْن الْحُسَيْن بْن عبَادَة قَالَ قَالَ لي مُحَمَّد بْن الصَّباح الدولابي يَا أَبَا السّري جَاءَ عبد الْعَزِيز الْمَكِّيّ فَنزل هَاهُنَا عندنَا فَكَانَ يَأْتِيهِ نَاس فَصَارَ إِلَيْهِ فتيَان من فتياننا فَقلت إيش يُحَدثكُمْ فَقَالُوا يُفَسر الْقُرْآن بِأَحْسَن التَّفْسِير قلت من رَأْيه أَو يأثره عَن غَيره قَالُوا بِرَأْيهِ قلت هَذَا شَرّ قَالَ فَجَاءَنِي بعد سنة فَسلم عَلِيّ وَقَالَ يَا أَبَا جَعْفَر أَنا وَالله إِلَيْك مشتاق قلت أَنا فِي مَسْجِدي مَا عَلِيّ حَاجِب فَقَالَ علمت يَا أَبَا جَعْفَر أَنِّي فَكرت البارحة فَرَأَيْت سُفْيَان الثَّوْريّ قد مَاتَ عَلَى بدعتين لم يتب إِلَى اللَّه مِنْهُمَا وَذكر قَول سُفْيَان إِن الْإِيمَان قَول وَعمل يزِيد وَينْقص وَرَأَيْت فلَانا يَقُول الْإِيمَان قَول قَالَ فَقلت أرى كلامك يدل عَلَى أَن أَبَا طَالب أَصْلَب أهل الأَرْض إِيمَانًا فَإِنَّهُ قد قَالَ للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنا أعلم أَن مَا تَقول حق وَلَكِن أكره أَن تعيرني نسَاء قُرَيْش
قلت وَهَذِه الْحِكَايَة ناشئة عَن أحد أَمريْن إِمَّا أَن عَبْد الْعَزِيز الْمَذْكُور وَهُوَ الْكِنَانِي الَّذِي ينْسب إِلَيْهِ الحيدة وَسَنذكر تَرْجَمته فِي الطَّبَقَة الأولى إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى كَانَ يعْتَقد أَن الْإِيمَان هُوَ الْمعرفَة فَقَط كَمَا سننقله عَن جهم بْن صَفْوَان وَلَا يشْتَرط النُّطْق وَتلك بِدعَة شنعاء لَا أقبح مِنْهَا نسْأَل اللَّه السَّلامَة فِي الدّين أَو أَن الدولابي لم يفهم عَنهُ وَيكون إِنَّمَا اعْتقد أَن الْإِيمَان فِي الْقلب وَلَكِن لَهُ شَرط وَهُوَ النُّطْق كَمَا قُلْنَاهُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يختلج فِي ذهني أَنه مُعْتَقد عَبْد الْعَزِيز وَقد رَأَيْت أَقْوَامًا

الصفحة 89