كتاب طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (اسم الجزء: 1)

بِالنُّطْقِ وَهَلِ التَّلَفُّظُ بِالشَّهَادَتَيْنِ شَرْطٌ كَمَا أَطْلَقْنَاهُ فَيَكُونُ خَارِجًا عَنِ الْمَاهِيَّةِ أَوْ رُكْنٌ فِيهِ اخْتِلافٌ أَمْرُهُ سَهْلٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ شَرْطٌ
وَالْمذهب الثَّانِي أَن الْإِيمَان بِاللَّه تَعَالَى مَعْرفَته فَقَط لَا يشْتَرط مَعَه لفظ وَهُوَ رَأْي جهم بْن صَفْوَان وشيعته وَهُوَ مَذْهَب مرذول محجوج بِالْإِجْمَاع لَا يعبأ بِهِ وَلَا يلْتَفت إِلَى قَائِله وَلَيْسَ جهم مِمَّن يعْتد بقوله وَلَوْلَا الْوَفَاء بتعداد الْمذَاهب لما ذكرنَا هَذَا الرجل وَلَا مذْهبه فَإِنَّهُ رجل ولاج خراج هجام عَلَى خرق حجاب الهيبة بعيد عَن غور الشَّرِيعَة يزْعم أَنه ذُو تحقيقات باهرة وَمَا هِيَ إِلَّا ترهات قَاصِرَة وَيَدعِي أَنه لَهُ مثاقب فِي النّظر وَمَا هِيَ إِلَّا عقارب أَو أضرّ
وأفحش قولا مِنْهُ مَا حُكيَ عَن مُحَمَّد بْن زِيَاد الْجَزرِي الْكُوفِي أَنه قَالَ من آمن بِاللَّه وَكذب بِرَسُولِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَيْسَ مُؤمنا عَلَى الْإِطْلَاق وَلَا كَافِرًا عَلَى الْإِطْلَاق وَلكنه مُؤمن كَافِر مَعًا وَهَذَا الْمَذْهَب كفر وَمَعَ كَونه كفرا ضرب من الهذيات وَلَا أعتقد أحدا مِمَّن ينتمي إِلَى الْإِسْلَام ذهب إِلَيْهِ وَلَعَلَّ الآفة من النَّاقِل عَن هَذَا الرجل فَلَا يَنْبَغِي أَن يعد هَذَا مذهبا
وَالثَّالِث أَنه إِقْرَار بِالشَّهَادَتَيْنِ وَهُوَ رَأْي الكرامية ومنزلة هَذَا الْمَذْهَب فِي السُّقُوط منزلَة مُقَابِله وَقَضيته أَن الْمُنَافِقين مُؤمنُونَ وَالْقُرْآن نَاطِق بِأَنَّهُم فِي الدَّرك الْأَسْفَل من النَّار وَأَنَّهُمْ كاذبون فِي الدّين يدعونَ أَنهم يَعْتَقِدُونَ
وَاعْلَم أَن جهما غاص فِي الْمعَانِي بِزَعْمِهِ وَأعْرض عَن الظَّاهِر فَسقط عَلَى أم رَأسه وَقَامَت عَلَيْهِ حجج الشَّرْع ومنعته عَن سَبِيل الْحق أَي منع وَابْن كرام

الصفحة 94