كتاب مختصر التبيين لهجاء التنزيل (اسم الجزء: 1)

وحينئذ، فلا وجه لقول من قال بزيادتها، فرسمها جاء رعاية لقراءة البزي (¬1).
ومن بلاغة الرسم وفصاحته الدلالة على القراءات المختلفة، ويتجلى ذلك في مواضع كثيرة، منها:
قوله تعالى: مستهزءون (¬2) وشبهها، فلم يرسموا للهمزة صورة بحركة نفسها، وهي الواو، ولم يرسموها بحركة ما قبلها وهي الياء كما رسموها في قوله تعالى: ولا ينبئك (¬3) وبابه بحركة ما قبلها.
لقد بين وجه ذلك حسين الرجراجي، فقال:
«فعلت الصحابة رضي الله عنهم ذلك جمعا بين اللغتين؛ إذ هاهنا لغتان فصيحتان في الهمزة المضمومة بعد الكسرة: إحداهما: تسهيلها بالياء، اعتبارا بحركة ما قبلها، وهو مذهب الأخفش.
والثانية: تسهيلها بالواو، اعتبارا بحركة الهمزة، وهو مذهب سيبويه.
فرسموا الهمزة في المفرد ياء على لغة، ورسموا الهمزة في الجمع واوا على لغة أخرى جمعا بين اللغتين» (¬4).
إلا أنهم حذفوا الواو التي هي صورة الهمزة كراهة اجتماع واوين، ولو أمعنا النظر في رسمها لوجدنا فيها نواحي من سموّ البلاغة والفصاحة.
¬__________
(¬1) انظر: هجاء مصاحف الأمصار للمهدوي 96.
(¬2) من الآية 13 البقرة.
(¬3) من الآية 14 فاطر.
(¬4) انظر: تنبيه العطشان ورقة 121.

الصفحة 243