كتاب مختصر التبيين لهجاء التنزيل (اسم الجزء: 1)

وملأ القلوب مهابة وخوفا، ولم يخرج إلى جهاد إلا عاد منتصرا.
وقدّم رجال البربر وزناتة (¬1)، وأخّر رجال العرب، وأسقطهم من مراتبهم وتسمى بالحاجب المنصور، ونفذ الكتب والمخاطبات والأوامر باسمه، ومحا رسم الخلافة بالجملة، ولم يبق لهشام المؤيد بالله من رسوم الخلافة أكثر من الدعاء على المنابر.
ولما توفي المنصور بن أبي عامر عام 392 هـ خلفه ابنه الملقب بالمظفر، أبو مروان عبد الملك، فجرى على سنن أبيه في السياسة والغزو، وكانت أيامه أعيادا دامت سبع سنين في خير وخصب وعز إلى أن مات في صفر 399 هـ (¬2).
وقام بتدبير دولة هشام المؤيد بالله أخو المظفر عبد الرحمن، وتلقب بالناصر لدين الله المعروف ب: (شنجول (¬3)). وجرى على سنن أبيه وأخيه في الحجر على الخليفة هشام المؤيد بالله، فانخرم النظام وشرع الفساد، وتمرد وفسق، واستقل بالملك. ثم عنّ له أن يستأثر بما بقي من رسوم الخلافة، فطلب من هشام المؤيد بالله أن يوليه عهده (¬4)، فأجابه هشام مكرها، وأحضر لذلك الملأ من أرباب الشورى وأهل الحل والعقد، وكان
¬__________
(¬1) قبيلة من قبائل البربر. انظر: تاريخ ابن خلدون 7/ 2.
(¬2) انظر: أعمال الأعلام 83، البيان 3/ 15، نفح الطيب 1/ 423.
(¬3) وهو لقب لقبته به أمه عبدة بنت «شانجة» النصراني تذكرا منها لاسم أبيها، فكانت تدعوه في صغره ب: «شنجول».
انظر: البيان المغرب 3/ 38.
(¬4) انظر: تاريخ ابن خلدون 4/ 148، نفح الطيب 1/ 424.

الصفحة 26