كتاب مختصر التبيين لهجاء التنزيل (اسم الجزء: 1)

العتيقة المظنون بها الصحة في حرف ما، فيرسم في بعضها بالحذف، ويرسم في بعضها الآخر بالإثبات، وجاءت الرواية مبهمة من غير تسمية مصر بعينه، فبهذه الصفة وبهذه الكيفية، قد يسوغ للمشارقة أو المغاربة أن يختاروا أحد الوجهين.
أما أن يختار المشارقة أو المغاربة الإثبات في بعض الحروف التي سكت عنها أبو داود بحجة أن الأصل الإثبات، فهذه حجة واهية، لأن غيره نص على حذفها، وكذا الحروف التي سكت عنها الداني. وقد يكون الحرف المسكوت عنه من الحروف التي اتفقت عليها المصاحف بالحذف، فسكوت أحد الشيخين عنها لا يلزم منه الإثبات.
من ذلك مثلا قوله تعالى: من تفوت (¬1) جاءت ثابتة في المصحف برسم الداني في الوقت الذي نقل فيه أبو داود حذف الألف في جميع المصاحف، ويؤيد الحذف قراءة الأخوين بحذف الألف وتشديد الواو.
والأمثلة على هذا النمط كثيرة، بل هناك كلمات متناظرة حذفت في موضع وأثبتت في موضع آخر، وهذا اضطراب وفساد يجب الرجوع عنه، فتبين لي من خلال استقراء منهج المؤلف وكلام العلماء فيها أن الحذف فيها أرجح، حملا على نظائرها، ولنص غيره عليها ويكون سكوته عليها من قبيل السهو والنسيان، فجل من لا يسهو، والله
أعلم.
¬__________
(¬1) من الآية 3 الملك.

الصفحة 339