كتاب مختصر التبيين لهجاء التنزيل (اسم الجزء: 1)

ومن هؤلاء العلماء الخرّاز، وتبعه على ذلك شراح «المورد»، وجرى العمل بها عند نساخ مصاحف أهل المشرق، وتمسكوا بسكوت أبي داود عنها. وهي الألف المعانقة للام، أي الواقعة بعد اللام في ثلاث عشرة كلمة أولها قوله تعالى: قل إصلح (¬1) وعبّروا عنها بالمستثنيات.
أقول: إن المؤلف أبا داود لم ينص على الاستثناء، ولم يرد عنه ذلك البتة، وإنما سكت عنها وأغفل ذكرها سهوا أو نسيانا. بل إن المؤلف في موضعه الثاني في قوله تعالى: إصلحا (¬2) ألمح إلى الحذف، فقال:
«بحذف الألف بين اللام والحاء، وقد ذكر».
قوله: «وقد ذكر» فيه إيماء إلى الحذف، ونحن نعلم أنه لا يذكر إلا الحذف في الغالب، وهو كالنص على الحذف، بل إن المؤلف نفسه لم يرض من غيره أن ينص على حرف بالحذف ويسكت عن نظيره. فذكر أن الغازي بن قيس نص على حذف ألف والإبكر في آل عمران (¬3)، وسكت عن موضع غافر فقال: «وأحسبه اكتفى بذكر هذا عن ذلك».
وفعل مثل ذلك مع نافع بن أبي نعيم المدني حيث نص على الحذف في حرف دون نظيره، فقال: «وروينا عن نافع في قوله في المائدة: بلغ الكعبة (¬4) بغير ألف وأحسبه اكتفى بذكر ذلك هنا لك عن هذا»، يعني قوله تعالى: ببلغيه في غافر (¬5).
¬__________
(¬1) من الآية 218 البقرة.
(¬2) من الآية 226 البقرة.
(¬3) من الآية 41 آل عمران.
(¬4) من الآية 97 المائدة.
(¬5) من الآية 55 غافر.

الصفحة 343