كتاب مختصر التبيين لهجاء التنزيل (اسم الجزء: 1)

ومن جملة الحروف التي سكت عنها المؤلف قوله تعالى: أنّى يكون لي غلم موضع آل عمران (¬1)، ونص على الحذف في بقية مواضعه.
ونص الخراز على استثنائه لأبي داود، وتبعه شراح مورده.
أقول: إن أبا داود لم يرد عنه الاستثناء، بل سكت عنه في موضعه، وأغفل ذكره، وقال في الخمس الذي جاء فيه: «وهجاؤه مذكور» وهو لم يتقدم، فلعله أحال على ما يشبهه. وقد ألمح إلى حذف ألفه عند موضعي سورة مريم، فقال: «وبغلم، وبغلم (¬2) بحذف الألف، وقد تقدم ذكره كله». فهذا منه كالنص في أن الحذف يشمل كل ما تقدم، دون استثناء ويدخل فيه موضع آل عمران.
ولمجرد سكوت أبي داود ذهب المشارقة إلى إثبات ألفه، فقال الشيخ الضباع- رحمه الله-: «فجرى العمل على إثباته» (¬3). وكيف يصح إثبات ما نص أبو عمرو الداني في فصل ما أجمع عليه كتاب المصاحف والبلنسي صاحب المنصف على حذفه؟ بل إن صاحب «نثر المرجان» حكى الإجماع على حذفه، فقال: «أجمع أرباب الرسم على حذف الألف بعد اللام منه في القرآن للاختصار حيثما وقع، وكيفما وقع».
وقال ابن القاضي ردّا على من أثبته: «والحق خلافه، لأن الداني صرّح بحذفه» (¬4)، ونص ابن وثيق الأندلسي على الحذف في جميع مواضعه، فقال: «بحذف الألف حيث وقع».
¬__________
(¬1) من الآية 40 آل عمران.
(¬2) من الآية 6، 7 مريم.
(¬3) انظر: سمير الطالبين 58.
(¬4) انظر: المقنع 17، بيان الخلاف 51، الجامع 34.

الصفحة 344