كتاب أعلام وأقزام في ميزان الإسلام (اسم الجزء: 1)

هذه مجموعة من الخطوط العامة نضعها بين يدي القارئ العربي المثقف دون أن نقدم حكمًا على لطفي السيد وندعه هو أن يصدر هذا الحكم. ولقد تعددت المصادر والأبحاث التي تكشف حقيقة هذا الرجل فليرجع إليها من يشاء وكلها تجمع على أن هذه الدعوة التي حملها لطفي السيد إنما هي خطة دقيقة محكمة من خطط الاستعمار الغربي والنفوذ الأجنبي، فإن اللورد كرومر أراد في إطار عمل مرسوم أن ينشئ في مصر جيلاً جديدًا يسير في ركب الاستعمار معجبًا به مقدرًا له ومحبًا، ولذلك عمل خلال عشرين سنة أو يزيد على صياغة هذا الجيل عن طريق المدرسة وعن طريق الثقافة، وكانت دعوته الملحة الحارة أن بريطانيا ستسلم مصر لأبنائها متى ظهر هذا الجيل الذي يعمل بالتعاون مع الاستعمار، ولفت نظر الشباب المتعلم وهم جميعًا من أبناء الطبقة التي أنشاها النفوذ الاستعماري وسودها وجعلها مركز القيادة السياسية إلى أنهم هم حكام مصر في المستقبل القريب .. وكان حريصًا على أن تتشكل هذه القوة أو هذا الحزب في نفس الوقت الذي كان الاحتلال يضرب القوى الوطنية وأصحاب الأصالة ليقضي عليهم ويفرغ البلاد منهم ويسلمها لهذا الجيل الذي كان من قيادته: لطفي السيد وسعد زغلول وعبد العزيز فهمي وقد تشكل حزب الأمة من مجموعة من أصحاب النفوذ وكبار الباشوات والملاك مثال محمود سليمان وحسين عبد الرازق وحمد الباسل وفخري عبد النور وسليمان أباظة وعبد الرحيم الدمرداش والطرزي وغيرهم وكان رأي هؤلاء أن السلطة الفعلية قد آلت كلها إلى كرومر الذي يمثل سلطة الاحتلال وأن مصالحهم الشخصية تقضي عليهم أن يكونوا على وفاق معهم فألفوا حزبهم بصفة رسمية في 21 سبتمبر 1907 برئاسة محمود سليمان باشا وتولى لطفي السيد قيادة فكرهم وصحيفتهم التي جمعوا لها في ذلك الوقت مبلغ 30 ألف جنيه: وقد ظهرت الجريدة في 9 مارس 1907 تصور الاحتلال على أنه حقيقة واقعة وترى أن عدم الاعتراف بشريعته لا يعني عدم

الصفحة 117