كتاب أعلام وأقزام في ميزان الإسلام (اسم الجزء: 1)

وجوده ولا يقلل من سلطته ونفوذه وكانت ترى أن هؤلاء المحتلين ماضون في طريقهم مستقلون بتصريف الأمور، رضي المصريون بذلك أم كرهوا وأن التخلص من الاحتلال يحتاج إلى قوة لم تتوفر للمصريين وأن دعاة الحركة خياليون ينفقون الوقت فيما لا طائل تحته وأنهم أصحاب خيال وتهريج.
وبذلك استطاع لطفي السيد أن يرسي مفاهيم الإقليمية المصرية الضيقة التي تكره العرب وتكره المسلمين وتعارض كل تقارب وكل صلة بل وتكره الاتصال بالفكر الإسلامي الذي هو أساس الثقافة والتعليم. وقد صور هذا المعنى مستشرق غربي هو ألبرت حوراني حين قال عن لطفي السيد ما يلي: كان يرى أن بريطانيا قوية وأن لها مصالح جوهرية في مصر وأنها هي نفسها قد أعلنت عن بقائها في مصر إلى أن تصبح هذه قادرة على حماية المصالح وإذن لا يمكن إخراجها بالقوة.
وقد أعلنت بريطانيا تجديد احتلالها وخلقت الشعور بأنها باقية إلى الأبد وأن مصلحة مصر تقتضي التعاون معها في أي تدبير تتخذه في سبيل إنماء قوة البلاد وهكذا كان ينفث لطفي السيد سموم التثبيط والاسترخاء في وجه دعاة الوطنية ولا يقف عند هذا الحد بل يتهمهم بأنهم خياليون مغالون في الخيال ويتهم خطتهم بأنها ولاء لتركيا بينما لم يكن مصطفى كامل ومحمد فريد إلا دعاة إلى الحرية والاستقلال والجلاء دون أن يلينوا أي لين لتقبل وعود بريطانيا وكانوا في دعوتهم لا يستهدفون العودة إلى النفوذ التركي العثماني، وإنما كانوا يؤمنون بأن حركة الحرية يجب أن تتم داخل إطار أوسع من الإقليمية ويجب أن تكون في إطار الجامعة الإسلامية والمفاهيم الإسلامية الأصلية التي كانت بريطانيا عن طريق حزب الأمة تهدف إلى تجريد المصريين منها ودفعهم إلى التبعية في التشريع والتعليم والاقتصاد لتكون مصر خاضعة تمام الخضوع

الصفحة 118