كتاب أعلام وأقزام في ميزان الإسلام (اسم الجزء: 1)
أغلب المحيطين به من النصارى واليهود (1)، الذين قد تغلغلوا في حكومته وبلاطه، خصوصًا نصارى الأرمن من أعداء الملة الذين هم خاصته وجلساؤه وأهل مشورته، وشركاؤه في اختلاس أموال الدولة ونهب خيراتها، والذين ليس لهم شغل إلا فيما يزيد مكانتهم وحظوتهم عند مخدومهم وموافقة أغراضه، وتحسين مخترعاته، وربما ذكّروه ونبهوه على أشياء تركها أو غفل عنها من المبتدعات، وما يتحصل منها من المال والمكاسب (2).
وقد أظهر الجبرتي -رحمه الله- ألمه وتأسفه لما وصل إليه حال الكفار، والمكانة التي تبوءوها في عهد محمد علي وأنهم صاروا أعيان الناس، ويتقلدون المناصب الرفيعة ويلبسون ثياب الأكابر، ويركبون البغال والخيول المسومة والراهوانات وأمامهم وخلفهم العبيد والخدم، وبأيديهم العصي يطردون الناس ويفرجون لهم الطرق (3)، ويتسرون بالجواري بيضًا وحبوشًا، ويسكنون المساكن العالية الجليله يشترونها بأغلى الأثمان.
ومنهم من له دار بالمدينة ودار مطلة على البحر للنزهة، ومنهم من عمر له دارًا، وصرف عليها ألوفًا من الأكياس، وكذلك أكابر الدولة لاستيلاء كل
__________
(1) قراءة جديدة في تاريخ العثمانيين. التحالف الصليبي الماسوني الاستعماري وضرب الاتجاه الإسلامي (ص159). د. زكريا سليمان بيومي. عالم المعرفة. جدة. الطبعة الأولى 1411 هـ - 1991 م.
(2) "عجائب الآثار" (3/ 548).
(3) هذا بدلاً من تضييقها عليهم كما جاء في الحديث الذي رواه الترمذي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام، وإذا لقيتم أحدهم في الطريق فاضطروهم إلى أضيقه" أخرجه الترمذي برقم (2700) كتاب الاستئذان.
باب ما جاء في التسليم على أهل الذمة وقال: حديث حسن صحيح، ورواه أبو داود برقم (5205) كتاب الأدب. باب في السلام على أهل الذمة. وهو حديث صحيح كما قال الشيخ الألباني. انظر "صحيح أبي داود" برقم (4337).
الصفحة 14
672