كتاب أعلام وأقزام في ميزان الإسلام (اسم الجزء: 1)

ولئن كان الدفتردار ليس واحدًا منهم (1). فإن جميع الوظائف المالية الأخرى تقريبًا قد احتكرها النصارى وغيرهم. فقد مر معنا أن كاتب الخزينة كان نصرانيًّا، وكذلك فإن جميع الكتبة والصيارفة كانوا من النصارى أيضًا.
أما وزارة الخارجية فطبيعي جدًا أن تكون من نصيب النصارى حيث العلاقات كانت قائمة على أشدها مع الدول الأوربية وقد أسند هذا المنصب الهام إلى وزير أرمني يدعى باغوص بك الأرمني (2).
أما إدارة الجمارك وهي من الوظائف المهمة فقد كان يرأسها رجل نصراني له أعوان وجند كما يقول الجبرتي يحجزون أمتعة الناس، ويقبضون على المسلمين، ويسجنونهم، ويضربونهم حتى يدفعوا ما عليهم، ومن العجب على حد قوله أن بضائع المسلمين يؤخذ عشرها وبضائع الإفرنج والنصارى ومن ينتسب إليهم يؤخذ عليها من المائة اثنان ونصف (3).
وما دام أن رئيس الجمارك نصراني حقود فلا نعجب بعد ذلك من التفاوت المذهل في أخذ الرسوم على الواردات من البضائع بين المسلمين وغيرهم. حيث يؤخذ على المسلمين من الرسوم أربعة أضعاف ما يؤخذ على غيرهم من كفار العالم.
5. 2% إلى 10% تفاوت ظالم، وربما كان ذلك تأليفًا للوافدين من التجار كما فعل الباي!! وعلى أي حال فلا يعدو ذلك المثال عن كونه واحدًا من الأمثلة الصارخة على استهانة محمد علي بعقيدة الولاء والبراء وعدم
__________
(1) وكان اسمه محمد بك وهو صهر محمد علي وزوج ابنته وشريكه في الظلم والعذاب والجور.
(2) "رحلة كنغليك إلى الشرق" (ص 122). ترجمة محمود العابدي. التعاونية. عمان 1971 م.
(3) "عجائب الآثار" (3/ 371).

الصفحة 16