كتاب أعلام وأقزام في ميزان الإسلام (اسم الجزء: 1)

وللمجتمع الذي يعيشون فيه لم يلبث أن باعد بينه وبين كثير من خاصة الناس وصرفهم عنه إلى حد كبير. فقد كانت المناصب التي يصيبها خريجو المدارس، والثراء والاحترام اللذان يحظون بهما في أنحاء البلاد من سواد الناس ومن إليهم .. كل أولئك كان يخلب ألبابهم ويستهويهم إلى المدارس التي تقدم لهم هذا كله" (1).
وهل يكون إلغاء دور الأزهر وتحجيم أنشطته إلا بصرفه عن مجالات التوظيف، أو على الأصح بصرف مجالات التوظيف عنه .. ؟ وقطع صلته بالحياة العامة .. ؟
وحين أنشأ محمد علي مدارسه الحديثة كان محتاجًا إلى معلمين للغة
العربية ولم يكن هناك بالطبع غير الأزهر.
لذا فقد اتجه محمد علي إليه وأخذ منه ما يكفي مدارسه ومكاتبه من المعلمين، فكانوا فريقًا هامًا من موظفي المدارس (2).
ولكن يا ترى كيف كانت معاملته لهؤلاء الأزهريين الذين أعوزته الحاجة إليهم وقاموا بدور كبير في تدريس اللغة العربية وفروعها. داخل المدارس التي أنشاها كما بشهد بذلك كل من كتب في التعليم في ذلك العصر .. ؟
يجيبنا على ذلك الدكتور أحمد عزت عبد الكريم فيقول: "وكانت الحكومة تعلم أنهم لم يكونوا يمنحون في الأزهر مرتبات كبيرة، ولهذا نراها تبخل عليهم بتلك المرتبات وترى أنهم إنما يقومون "بمقاصد خيرية" ثوابها عند ربهم!! فقد كان هناك مدرسون بل رؤساء مدرسين قضوا بمدارسهم اثنا عشر
__________
(1) المصدر السابق (ص 573).
(2) المصدر السابق (ص 575).

الصفحة 25