كتاب أعلام وأقزام في ميزان الإسلام (اسم الجزء: 1)
فلم يخف على السيد عمر مكرم (1) ولم يزل مصممًا وممتنعًا عن الاجتماع به والامتثال إليه ويسخط عليه".
وفي ذلك الوقت أمر الباشا بكتابة عرضحال بسبب المطلوب لوزير الدولة وهي أربعة آلاف كيس، ويذكر أنها صرفت في مشاريع وأعمال؛ كسد ترعة الفرعونية ومحاربة الأمراء المصرية (المماليك) - حتى دخلوا في طاعة الدولة، وعمارة القلعة والقناة التي تنقل المياه إليها وحفر الخلجان والترع.
ثم أرسله إلى السيد عمر ليضع خطه وختمه عليه فامتنع وقال: "أما صرفه على سد الترعة فإن الذي جمعه وجباه من البلاد يزيد على ما صرفه أضعافًا كثيرة، وأما غير ذلك فكله كذب لا أصل له، وإن وجد من يحاسبه على ما أخذ من القطر المصري من الفرض والمظالم لما وسعه الدفاتر".
فلما أخبر الباشا بذلك حنق واغتاظ في نفسه وطلبه للاجتماع به فامتنع، فلما أكثر عليه قال: إن كان ولا بد فأجتمع معه في بيت السادات، وأما طلوعي إليه فلا يكون، فلما أخبر بذلك ازداد حنقه وقال: "إنه بلغ به أن يزدريني ويرذلني ويأمرني بالنزول من محل حكمي إلى بيوت الناس".
ثم اجتمع الباشا مع المشايخ في اليوم الثاني في بيت ولده إبراهيم، وأرسل رسولاً من طرفه ورسولاً من طرف القاضي يطلبه للحضور ليتحاقق ويتشارع معه، فرجعا وأخبرا بأنه شرب دواء ولا يمكنه الحضور في هذا اليوم، فعند ذلك أحضر الباشا خلعة، وألبسها الشيخ السادات على نقابة الأشراف وأمر بكتابة فرمان بخروج السيد عمر ونفيه من مصر يوم تاريخه، فتشفع المشايخ في إمهاله ثلاثة أيام حتى يقضي أشغاله، فأجاب إلى ذلك؛ فتقبل السيد عمر أمر النفي بصدر رحب.
__________
(1) رحم الله السيد عمر مكرم فقد كان بصيراً بكل ذلك ولم تؤثر فيه نوازع الرغبة والرهبة.
الصفحة 37
672