كتاب أعلام وأقزام في ميزان الإسلام (اسم الجزء: 1)

وفي يوم الأحد أول رجب عام 1224 هـ اجتمع المودعون للسيد عمر، ثم حضر محمد كتخدا، فعند وصوله قام السيد عمر وركب في الحال، وخرج صحبته وشيعه الكثير من المتعممين وغيرهم وهم يتباكون حوله حزنًا على فراقه، وكذلك اغتم الناس على سفره وخروجه من مصر لأنه كان ركنًا وملجأ ومقصدًا للناس ولتعصبه لنصرة الحق (1).
وفي صبح ذلك اليوم، حضر الشيخ المهدي عند الباشا وطلب وظائف السيد عمر فأنعم عليه الباشا بنظر أوقاف الإمام الشافعي، ونظر وقف سنان باشا ببولاق، وحاسب على المنكسر له من الغلال مدة أربع سنوات فأمر بدفعها له من خزينته نقدًا، وقدرها خمسة وعشرون كيسًا، وذلك في نظير اجتهاده في خيانة السيد عمر حتى أوقعوا به ما ذكر (2).
وفي مستهل شعبان نمق مشايخ الوقت عرضحال في حق السيد عمر، بأمر الباشا، ليرسله إلى الدولة وذكروا فيه سبب عزله ونفيه عن مصر، وعدوا له مثالب ومعايب وجنحًا وذنوبًا:
منها أنه أدخل في دفتر الأشراف أسماء أشخاص ممن أسلم من القبط واليهود.
ومنها أنه أخذ من الألفي (أحد زعماء المماليك الكبار) مبلغًا من المال ليملكه مصر في فتنة أحمد باشا خورشيد، وأنه كاتب الأمراء المصريين أيضًا في وقت الفتنة ليأخذوا مصر على حين غفلة من أهلها في يوم قطع الخليج (الاحتفال بوفاء النيل).
وأنه أراد إيقاع الفتن في العساكر لينقضن دولة الباشا ويولي خلافه
__________
(1) انظر تفاصيل هذه الواقعة الأليمة في "عجائب الآثار" (3/ 265 - 272).
(2) المصدر السابق (3/ 272).

الصفحة 38