كتاب أعلام وأقزام في ميزان الإسلام (اسم الجزء: 1)
لقد انبهر رفاعة الطهطاوي وفُتن بفرنسا، والثورة الفرنسية ولا ينكر أحد طبيعتها اللادينية والأثر التلمودي فيها.
انظر إلى ما قاله الطهطاوي وكأنما هو يترجم مع الشرح عبارات روسو وفولتير. يقول:
"ومن زاول علم أصول الفقه، وفقه ما اشتمل عليه من الضوابط والقواعد جزم بأن جميع الاستنباطات العقلية التي وصلت عقول أهالي باقي الأمم المتمدنة إليها وجعلوها أساسًا لوضع قوانين تمدنهم وأحكامهم، قلّ أن تخرج عن تلك الأصول التي بنيت عليها الفروع الفقهية التي عليها مدار المعاملات. فما يسمى عندنا بعلم أصول الفقه يشبه ما يسمى عندهم بالحقوق الطبيعية أو النواميس الفطرية، وهو عبارة عن قواعد عقلية تحسينًا وتقبيحًا، يؤسسون عليها أحكام المدنية. وما نسميه بالعدل والإحسان يعبرون عنه بالحرية والتسوية، وما يتمسك به أهل الإسلام من محبة الدين والتولع بحمايته مما يفضلون به عن سائر الأمم في القوة والمنعة يسمونه محبة الوطن".
... "ولما كانت أعمال كل نوع من أنواع المخلوقات وكل عضو من أعضاء فرد ذلك النوع منقادة لنواميس طبعية عمومية خصته الحكمة الإلهية كان لا يمكن مخالفة هذه النواميس بدون اختلال للنظام العام والخاص، وهذه النواميس الطبيعية التي خصت بها العالم القدرة الإلهية عامة للإنسان وغيره .. فينبغي للإنسان أن لا يتجارى على هذه الأسباب ويتعدى حدودها، حيث إن المسببات الناتجة عنها منتظمة محققة .. فعلى الإنسان أن يطبق أعماله على هذه الأسباب التي تقدم ذكرها ويتمسك بها وإلاَّ عوقب عقابًا إِلهيًّا لمخالفة خالق هذه الأسباب .. وأغلب هذه النواميس الطبيعية لا يخرج عنها حكم الأحكام الشرعية، فهي فطرية خلقها الله سبحانه وتعالى مع الإنسان وجعلها ملازمة له في الوجود، فكأنها قالب له نسجت على منواله
الصفحة 59
672