كتاب أعلام وأقزام في ميزان الإسلام (اسم الجزء: 1)

للحكومات البريطانية، بل كان أحيانا يتظاهر بالدفاع عن قضايا الشعوب الشرقية ويقف بجانبهم، كما وقف بجانب عر بي ودافع عنه بعد أسره، كان هذا نوعًا من الدهاء والحنكة الإنجليزية.
بلنت واضع كتاب "مستقبل الإسلام " الذي يدعو فيه إلى هدم الخلافة الإسلامية بنقلها من السلاطين العثمانيين إلى العرب الضعفاء، ويدعو إلى الاعتماد على الإنجليز في إقامة خلافة إسلامية قوية. بلنت كان على صلة بزعماء الثورة العرابية التي انتهت باحتلال مصر من قبل قومه (1).
بلنت شجع عرابي على الثورة، وهو يعلم أنه ضعيف لا يستطيع الوقوف أمام جيوش الاحتلال، وهو الذي زين لعرابي الحكم الجمهوري الذي قام من أجل تحقيقه، ووقف أمام الخديوي يطالب بالتخلي عن السلطة، ففي خطاب عرابي إلى صديقه بلنت يقول: "ثم خلع إسماعيل فزال عنا عبء ثقيل، ولكنا لو كنا نحن قد فعلنا بأنفسنا لكنا تخلصنا من أسرة محمد علي بأجمعها، ولم يكن فيها أحد جدير بالحكم سوى سعيد، وكنا عندئذ أعلنا الجمهورية" (2).
بلنت أودى بصاحبه عرابي وثورته وبلاده في الهاوية، ومع ذلك لم يفطن عرابي لخطره بل بقي على صداقته له بعد ذلك، وتولى بلنت الدفاع عنه بعد أسره ومحاكمتة (3).
يقول الدكتور محمد محمد حسين واصفًا بلنت: "والمستر بلنت كان غريبًا جدًا في تصريحاته، كان لا يفتر عن التنقل بين مضارب الأعراب في مصر وفي سوريا وفي نجد، يدعو المصريين إلى الثورة، ويتكلم بعد وقوعها
__________
(1) "الاتجاهات الوطنية" (1/ 153).
(2) المصدر السابق (1/ 159).
(3) المصدر السابق (2/ 319).

الصفحة 79