كتاب أعلام وأقزام في ميزان الإسلام (اسم الجزء: 1)

والغريب أنه كان له اتصال وثيق بجميع من اشتغلوا بالمسألة المصرية من المصريين والأجانب منذ عهد عرابي إلى أن مات (1). فقد صادق محمد عبده وبقي يراسله وينشر أفكاره حتى بعد موت جمال الدين الأفغاني، فهو الذي توسط لدى المعتمد البريطاني كرومر، بعد احتلال مصر على أثر ثورة عرابي وطرد محمد عبده من مصر، على إعادة الشيخ محمد عبده إلى مصر (2). ولما عاد محمد عبده إلى مصر كان أول هدف له هو ترك السياسة ومجانبة الخصام مع الحكومة البريطانية.
وقد قال اللورد كرومر نفسه في كتابه "مصر الحديثة": "إن العفو صدر عن الشيخ محمد عبده بسبب الضغط البريطاني" (3).
وأعجب من هذا أن تجد بعض المؤرخين المغفلين يقول: بأن بلنت كان رجلاً أرستقراطيًّا وثريًا، وكان يحب العرب والشرق ويدافع عن قضاياهم ويعطف على ثوراتهم وقادتهم ومفكريهم، منهم جمال الدين الأفغاني وأحمد عرابي ومحمد عبده وغيرهم، وكذا كانت صداقته لهم شريفة!! (4).
ويقول الشيخ محمد الجنبيهي وهو من علماء الأزهر المعروفين بالصلاح والتقوى في كتابه "بلايا بُوزا" يعارض فكر طه حسين ومحمد عبده: يقول الجنبيهي في صلة محمد عبده باللورد كرومر وبالمستر بلنت "لما شرعت القوة البريطانية في نفي الخونة العرابيين، ذلك النفي الصوري، كان
__________
(1) "الاتجاهات الوطنية". (2/ 319).
(2) "أعلام وأصحاب أقلام" لعمارة (ص 390).
(3) "زعماء الإصلاح" (310).
(4) "محمد عمارة" (ص 334 - 345).

الصفحة 81