كتاب أعلام وأقزام في ميزان الإسلام (اسم الجزء: المقدمة)

فيها الأمين، وينطق فيها الرُّويبضة " قيل: وما الرويبضة؟ قال: " السفية يتكلم في أمر العامة " (1). * وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: " من أشراط الساعة .. أن يعلو التحوتُ الوعول " أكذلك يا عبد الله بن مسعود سمعته من حبِّي؟ قال: نعم ورب الكعبة. قلنا وما التُّحوت؟ قال: " فسول الرجال، وأَهل البيوت الغامضة، يُرفعون فوق صالحيهم، والوعول أهل البيوت الصالحة " (2).
حينئذ تتحول الحياة إلى مستنقع آسن، وترتكس الدجاجلة ومعهم الغوغاء في الحمأة الوبيئة، وفي الدرك الهابط، وفي الظلام البهيم، ويعلو أهل الله بمرتعهم الذكي، ومرتقاهم العالي، ونورهم الوضيء، فعيشهم عيش الملوك، بل أحلى، ودينهم دين الملائكة.
أي شيطان لئيم قاد خطا الجموع الشاردة عن منهج الله إلى هذا الجحيم.
لقد فسدت الأرض بالبعد عن الإسلام، وأسنت الحياة، وتعفنت قيادات الفكر من العمالقة الدجاجلة، والقمم الشامخة الزائفة، وذاقت البشرية الويلات من قيادات الفكر المتعفنة و " ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس "، وكانت النكبة القاصمة لما نُحِّي الإسلام عن الحياة، وتطاول عليه الرعاع والغوغاء ممن يسمونهم قادة الفكر وأعلام الأدب
__________
(1) إسناده جيد: رواه أحمد في "مسنده"، وقال الشيخ أحمد شاكر (15/ 37 - 38): إسناده حسن ومتنه صحيح، وقال ابن كثير في " النهاية في الفتن والملاحم ": هذا إسناد جيد، ولم يخرجوه من هذا الوجه.
(2) ذكره ابن حجر في " الفتح " (13/ 15) من رواية الطبراني في "الأوسط" عن أبي هريرة، وقال الهيثمي: حديث أبي هريرة وحده في "الصحيح" بعضه، ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن الحارث وهو ثقة.

الصفحة 4