كتاب أعلام وأقزام في ميزان الإسلام (اسم الجزء: المقدمة)

مسافر والأماني البيض لاهثة ... وراءه وبحار الشوق تصطفِقُ
* وهذا لون من أشرف أنواع الجهاد قال الله تعالى لنبيه: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِير} [التحريم: 9].
فلا يترك دجاجلة الفكر، والعناصر المفسدة الجائرة الظالمة تهاجم إله الكون والإسلام والشرع من داخل مجتمع المسلمين دون أن يتصدى لهم أهل الله -وحواريو الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذين يذبون عن الوحي والسنة .. فهذا أخص أنواع الجهاد، فجهاد الكفار بالسيف والسنان، وجهاد الزنادقة والذين يطعنون في الإسلام يكون بالقلم واللسان، وهو جهاد الخاصة يردون الشبه في وجوه الكالحين الكارهين للإسلام الكريهين، المبغضين للإسلام البغيضين .. الفاسدين المفسدين قال تعالى عن القرآن: {وجاهدهم به جهادًا كبيرًا} فاللهم اكتب لنا بجمعنا هذا نصيبًا من هذ الجهاد وارزقنا فيه النية الصادقة.
إن هذا الجمع لسحق كل نابح ناعق يتطاول على الإسلام، ولسحق كل حية وأفعى تبث السم في الدسم، ولفضح كل دجال وكل مهرج من الحواة.
نعلم أن الرفعة كل الرفعة في اتباع هدي نبينًا - صلى الله عليه وسلم - وأن الذلة كل الذلة في المحادة لله ورسوله وإن قال عنهم الناس أنهُم القمم الشوامخ وعمالقة الأدب والفكر وأساتذة الأجيال وعرّابو الحداثة والقوِمية والشعوبية قال تعالى: {إِن الَّذِينَ يُحَادّونَ اللهَ وَرَسولَهُ كبُِتُوا كمَا كُبِتَ الَذِين مِن قَبلِهِم .. } الآية إلى قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ} [المجادلة: 5: 20].
فلكل محاد كبت وقهر وذل ومهانة جزاء التبجح والجحود - وهذا وعد الله الصادق الذي كان والذي لا بد أن يكون على الرغم مما قد يبدو أحيانًا من الظاهر الذي يخالف الوعد الصادق.

الصفحة 7