كتاب المعرفة والتاريخ (اسم الجزء: 1)

نَاسٌ فِي غَزَاةٍ فِيهِمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ فِي الصَّائِفَةِ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَسِيرُونَ فِي السَّاقَةِ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَشْتَهِي جِبْنًا رَطْبًا. فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ:
فَاسْتَطْعِمْهُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُطْعِمَكُمُوهُ. فَدَعَا الْقَوْمُ، فَلَمْ يَسِيرُوا إِلَّا شَيْئًا حَتَّى وَجَدُوا مَكْتَلًا مَخِيطًا كَأَنَّمَا أُتِيَ بِهِ مِنَ السَّيَّالَةِ أَوِ الرَّوْحَاءِ، فَإِذَا هُوَ جُبْنٌ رَطْبٌ. قَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: لَوْ كَانَ لِهَذَا عَسَلٌ. فَقَالَ: الَّذِي أَطْعَمَكُمُوهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُطْعِمَكُمُ الْعَسَلَ فَاسْتَطْعِمُوهُ يُطْعِمْكُمُ الْعَسَلَ. فَدَعَوُا اللَّهَ، فَسَارُوا قَلِيلًا فَوَجَدُوا قاقرة [1] عَسَلٍ عَلَى الطَّرِيقِ، فَنَزَلُوا فَأَكَلُوا الْجُبْنَ وَالْعَسَلَ، ثُمَّ رَكِبُوا» [2] .
حَدَّثَنَا ابْنُ زَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ: اسْتَوْدَعَنِي رَجُلٌ مِائَةَ دِينَارٍ فَقُلْتُ: أَيْ أَخِي إِنِ احْتَجْنَا إِلَيْهَا أَنْفَقْنَاهَا حَتَّى نَقْضِيَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَاحْتَجْنَا إِلَيْهَا فَأَنْفَقْنَاهَا، فَأَتَى رَسُولُهُ: إِنَّا قَدِ احْتَجْنَا إِلَيْهَا. قَالَ: وَلَيْسَ فِي بَيْتِي شَيْءٌ. قَالَ: فَكَانَ ذلك اليوم يدعو: اللَّهمّ لَا تُخْرِبْ أَمَانَتِي وَأَدِّهَا. قَالَ: فَخَرَجْتُ ثُمَّ رَجَعْتُ لِأَدْخُلَ إِذَا رَجُلٌ يَأْخُذُ بِمِنْكَبِي لَا أَعْرِفُهُ، فَدَفَعَ إِلَيَّ صُرَّةً فَإِذَا فِيهَا مِائَةُ دِينَارٍ، فَأَصْبَحَ النَّاسُ لَا يَدْرُونَ مِنْ أَيْنَ ذَلِكَ، فَمَا عَلِمُوا مِنْ أَيْنَ ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ عَامِرٌ وَابْنُ الْمُنْكَدِرِ، فَإِذَا رَجُلٌ يُخْبِرُهُ قَالَ: بَعَثَنِي بِهَا عَامِرٌ. ادْفَعْهَا إِلَيْهِ وَلَا تَذْكُرْنِي حَتَّى أَمُوتَ أَنَا أَوْ يَمُوتَ ابن المنكدر.
__________
[1] في تاريخ الإسلام للذهبي 5/ 157 «فرق» بدل «قاقرة» ، وفي سير أعلام النبلاء 5/ ق 99 الثانية و 1 «فاقرة» .
[2] الذهبي: سير أعلام النبلاء 5/ ق 99 الثانية و 1 وتاريخ الإسلام 5/ 157 من هذا الوجه.

الصفحة 657