كتاب المعرفة والتاريخ (اسم الجزء: 1)

النَّبِيذَ.
فَسَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ الْحَسَنِ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ يَقُولُ: النَّاسُ يَقُولُونَ: كَانَ سُفْيَانُ يُرَخِّصُ فِي شُرْبِ النَّبِيذِ وَأَشْهَدُ لَهُ لَقَدْ رَأَيْتُهُ [لَا] يَأْخُذُهُ [1] وَوُصِفَ لَهُ دَوَاءٌ فَقِيلَ لَهُ: نَعْمَلُ لَكَ نَبِيذًا قَالَ:
لَا ائْتُونِي بِعَسَلٍ.
وَمَا [2] قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: كُنْتُ أَسْأَلُ سُفْيَانَ فَيَقُولُ: أَخِّرْ هَذَا أَخِّرْ هَذَا لَمْ أُطَالِعْ كُتُبِي مُنْذُ أَرْبَعَ سِنِينَ جَهِّزْنِي فَجَهَّزْتُهُ وَطَمِعْتُ أَنْ يُمَكِّنِّي مِنْ كُتُبِهِ فَمَاتَ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: لَوْ رَأَى إِنْسَانٌ سُفْيَانَ يُحَدِّثُ فَقَالَ: لَيْسَ هَذَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يُقَدِّمُ وَيُؤَخِّرُ وَيُصِحُّ لَوْ جَهَدْتَ جَهْدَكَ أَنْ تُزِيلَهُ عَنِ الْمَعْنَى لَمْ يَفْعَلْ.
قَالَ: وَذَهَبْتُ مَعَ سُفْيَانَ إِلَى عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ فَإِذَا هُوَ ثَقِيلُ الْكِتَابِ رَدِيءٌ، فَقَالَ: أَكْتُبُهُ لَكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: لَا، أُحِبّ أَنْ يَكُونَ بِخَطِّي.
وَسَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ: يَقُولُ النَّاسُ كَانَ سُفْيَانُ يُحِبُّ تَأْخِيرَ الْعَصْرِ، وَأَشْهَدُ لَقَدْ رَأَيْتُ تَأَخُّرَهُ عِنْدَنَا تَتْبَعُ الْمَسْجِدَ [3] الَّذِي تُعَجَّلُ فِيهِ الْعَصْرُ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: وَكَانَ يَتَمَنَّى الْمَوْتَ فَقُلْتُ لَهُ فِي ذَلِكَ. قَالَ: أُحِبُّ أَنْ أَمُوتَ عَلَى السَّلَامَةِ مِنْ هَؤُلَاءِ. قَالَ: فَلَمَّا مَرِضَ إِذَا هُوَ قَدْ كَرِهَ مَا كَانَ يَتَمَنَّى. قَالَ: فَكَانَ يَقُولُ لِي: كَيْفَ تَرَانِي الْيَوْمَ؟ فَأَقُولُ: صَالِحًا.
فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، ذَهَبْتُ لِأَخْرُجَ لِصَلَاةِ الْعَصْرِ. فَقَالَ: تَدَعُنِي عَلَى هَذِهِ الْحَالِ وَتَخْرُجُ. قَالَ: فَصَلَّيْتُ عِنْدَ رَأْسِهِ، فقال لي: اقرأ عليّ
__________
[1] في الأصل «يأخذه» والا وفق ما أثبته.
[2] هكذا في الأصل وفوقها ص. ولم أجد الرواية في المصادر الأخرى.
[3] في الأصل «المساجد» .

الصفحة 723