كتاب كشف المناهج والتناقيح في تخريج أحاديث المصابيح (اسم الجزء: 1)
قلت: رواه مسلم في الصلاة من حديث أبي هريرة ولم يخرجه البخاري ورواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه واللفظ لمسلم. (¬1)
قوله تعالى: "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين" قال الخطابي (¬2): قد تسمى القراءة صلاةً لوقوعها في الصلاة، ولكونها جزءًا منها كما قال تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} قيل معناه: القراءة والصلاة قرآنًا كما قال: {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} أي صلاة الفجر فتسمى الصلاة مرةً قرآنًا، والقرآن مرة صلاة، لانتظام أحدهما بالآخر، قال في شرح السنة (¬3): وحقيقة هذه القسمة منصرفة إلى المعنى لا إلى متلوّ اللفظ، وذلك أن هذه السورة من جهة المعني نصفها ثناء ونصفها مسألة ودعاء، وقسم الثناء ينتهي إلى قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} وما في الآية وهو قوله تعالى: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} من قسم الدعاء والمسألة، ولذلك قال تعالى هذه الآية. بيني وبين عبدي، قال الخطابي: والفاتحة سبع آيات ثلاث منها ثناء من قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} إلى {يَوْمِ الدِّينِ} وثلاث منها دعاء ومسألة، وهي من قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} إلى آخرها، والآية المتوسطة نصفها ثناء، وهو قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} ونصفها دعاء، وهو قوله تعالى: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ولهذا قال تعالى: "هذا بيني وبين عبدي" وهذا التأويل إنما يتوجّه عند من لم يجعل التسمية آية من الفاتحة.
579 - قال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر كانوا يفتتحون الصلاة بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.
¬__________
(¬1) أخرجه مسلم (395)، والترمذي (2953)، وأبو داود (821)، والنسائي (2/ 136)، وابن ماجه (3784).
(¬2) معالم السنن (1/ 176).
(¬3) شرح السنة (3/ 49).